الثلاثاء، 12 مايو 2015

السنباطي والمجرم إسماعيل صدقي باشا ..............

في أحدى حفلات معهد الموسيقى بالقاهرة في الخمسينات من القرن الماضي ، وبينما كان الملحن السنباطي يؤدي على العود بعض التقاسيم الموسيقية ، سرت همهمة بين الحضور ، وتوجهت الأنظار نحو الرجل الخطير الذي دخل القاعة مع حاشيته ، قبل أن يتوجه برفقة مدير المعهد نحو المقعد المخصص له .
لم يكن هذا الرجل الخطير سوى إسماعيل صدقي باشا ( 1875 – 1950 ) ، رئيس وزراء مصر آنذاك وجلادها ، والرجل الذي وقف وحده مع الإنجليز والملك ضد شعب مصر وأمانيه في الحرية والإستقلال ، وهو الذي قمع التظاهرات الشعبية والإضطرابات الطلابية بالرصاص ، واعتقل وزج بالمئات في السجون ، وكان مكروها من الشعب المصري بأسره .
لقد رأى السنباطي خلال لحظات لم تستمر طويلا في صورة هذا الرجل آلام الشعب كلها وكراهيته له .
رأى فيه الرصاص والاستبداد ، فلم يستطع الإستمرار في العزف ، إذ ما كاد إسماعيل صدقي باشا يتخذ مكانه في الصف الأول من القاعة ، ومن حوله حاشيته والمتزلفون له ، حتى قطع السنباطي العزف ، ونهض حاملا عوده بيمينه ، ثم قفز من على خشبة المسرح إلى القاعة ، أمام دهشة الحضور ، وغادر القاعة وهو يتمتم بكلمات مبتورة وغاضبة " ...... ده كلام .... أعزف للرجل ده .... " ولحق به المسؤولون عن المعهد لثنيه عن المغادرة ، ولكنه رفض وأصر على موقفه " .
وطبعا دفع السنباطي ثمن موقفه هذا عبر هجوم صحفي قاسي ضده وعدم تعاون شركات الاسطوانات معه والإذاعة قاطعت أعماله .

طبعا الحديث هنا للمقارنة بين مواقف بني مهنة السنباطي وقتها وبين نفس بني مهنته اليوم من الطغاة وجلادي الشعب والقتلة .
- وطبعا أنا أحاول تجاوز نقطة الموقف من الغناء والموسيقى إلى الموقف من الطغاة حيث أنها مواقف تحسب له كما يحسب عليه عمله بالغناء الذي ربما يكون تاب عنه قبل مماته أو غفر الله له ذنوبه بذاك الموقف المحترم وليس بكثير على الله تعالى الذي سبقت رحمته غضبه .
.
.
.

المصدر : كتاب " السنباطي ... تأليف السوري صميم الشريف صـــ 82 ، 83

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق