الخميس، 4 مايو 2017

نداء التوحيد في قصر أمير وثني . الشيخ "باقر"... وممدوح اسماعيل !! .

في فجر القرن الثالث عشر الهجري كان في بلاد الهند رجلا هو مشروع شهيد كما قال عن نفسه .
هذا الرجل هو الشيخ الشهيد بإذن الله المجاهد العلامة أحمد بن محمد عرفان (6 صفر 1201 هـ/28 نوفمبر 1786م - 24 ذي القعدة 1246 هـ/6 مايو 1831م) مصلح مسلم بالهند..
جاهد في الهند حتى استشهد هو وجمع غفير من العلماء وطلبة العلم الشرفاء .
علماء وطلبة لا هم لهم إلا الامة كلها .
لا يفكر احدهم في نفسه ولا دائرته الصغيرة الضيقة بل كان جل تفكيرهم هو الامة الاسلامية كلها .
لذا ركبوا الصعاب وقاوموا الخرافات والجهل والبدع واختلاط أحكام وشرائع الاسلام بالهندوسية والسيخية حتى اصبح الاسلام مجرد شيء ظاهري في قلوب ومظاهر معتنقيه .
وللشيخ أحمد عرفان رحمه الله علاقة وثيقة بالاستاذ ممدوح اسماعيل .
ممدوح اسماعيل المحامي، الرجل، والسلفي المنهج وعضو مجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير المصرية وهو أول من اضاف كلمة "بما لا يخالف شرع الله " إلى قسم مجلس النواب وهو أول من رفع الأذان في مجلس النواب المصري على مر التاريخ .
وللتاريخ السابق علاقة دوما بالحاضر كما أن الاسلام في الماضي هو نفسه الاسلام في الحاضر ولن يتغير كما لن يتغير مخلصوه مهما مر بهم من كيد وأذى .
هل الاستاذ ممدوح اسماعيل على خطأ عندما رفع الاذان في مجلس الاوثان ..! عفوا في مجلس النواب ...؟! .
لنسمع القصة كما يرويها العلامة الشيخ الندوي رحمة الله وهي جزء من جهاد الشيخ أحمد عرفان رحمه الله فيقول الشيخ الندوي :
مر السيد احمد عرفان وركبه المجاهد في طريقه إلى أفغانستان بمدينة كواليار عاصة أكبر إمارة ، بعد إمارة حيدر آباد يحكمها مهاراجه دولت راؤ سندهيا .. أكبر أمراء "مرهته" وأعظم حاكم وثني تحت حماية الانجليز، ولهذه الاسرة تاريخ طويل حافل، في محاربة المسلمين ومناضلتهم تتخلله غزوات ومناوشات وهدنة وسلم، وقد راسله السيد عرفان، وراسل وزيره "هندوراؤ" يستحثهما على محاربة الاحتلال الانجليزي في الهند وأفغانستان، ويبين لهما خطر السرطان الانجليزي، وكيف استشرى فساده وسمه في جسم البلاد، وكيف استحوذ عليهما، وأفسد فيها وجعل أعزة أهلها أذلة، وأنه ما دام ، فلا مطمع في شرف، ولا بقاء لرئاسة، ولا ضمان لحرية، وكان ردهما على هذه الرسائل البليغة الحكيمة ردا لطيفا، ينم عن استجابة وفهم .
ولما وصل السيد عرفان إلى "كواليار" استقبله الوزراء و"هندو راؤ" استقبالا لائقا بالملوك والأمراء، والقادة والزعماء وأكرم وفادته، وأحسن مثواه، وضيفه وزملائه، الذين يبلغ عددهم نحو ألف مجاهد، ضيافة ملوكية، تجمع بين أنواع الاطعمة اللذيذة الشهية، وأكثر وأطاب، وتواضع له، وصب الماء على يده، ورفع منزلته، ورق له في الحديث، وأكثر من الهدايا الغالية الفاخرة، والتحف النفيسة الطريفة من أنواع القماش وعقود من مرواريد وهو نوع من الؤلؤ .
ودعاه مهراجه دولت "راؤ سندهيا" إلى قصره، واستقبله استقبالا رائعا، وجلسا يتحدثان في حرية وأنس، وتبرك مهاراجه بوجوده وطلب منه نظره، وباخلاصه، وتوكله على الله، وطلب منه أن يقيم عنده سنة كاملة حتى يقضي وطره من ضيافته وإكرامه، فاعتذر السيد عرفان، فسأله أن يمكث حتى يجهز جيشه، ويصلح سلاحه وعتاده وكان في طريقه للجهاد في سبيل الله .
فاعتذر السيد كذلك فإن السفر بعيد والطريق طويل، والرفاق كثير والمقصد عظيم يتطلب سرعة الوصول .
وبينما كانا يتحدثان جالسين في ناحية، في غرفة من غرف القصر المللوكي الشامخ .. قصر الملك الوثني ! ... إذ دخل وقت صلاة العصر، فقام مؤذن الجماعة الشيخ "باقر" على غير محتفل بالقصر وصاحبه، ووجود كبار الأمراء والوزراء، وقادة الجيش، وكلهم وثنيون، فنادى بأعلى صوته ( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، اشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخر الاذان ..!!
وساد السكوت على القصر، واهتز المكان وارتج .
فوجيء أهل القصر بهذا الصوت الغريب الذي لم يسمعوه في هذا القصر منذ بني، على كثرة من يزوره من المشايخ والعلماء، وأمراء المسلمين وقادتهم، وبقوا خاشعين أمامه برهة، ثم افاقوا، وأمروا بتهيئة الوضوء وإحضار الماء والاباريق، وحضر السقاؤن فقدموا الماء، والأباريق، وتوضأ من لم يكن على وضوء، واصطف المجاهدون، وتقدم السيد فأم الناس وصلى بهم صلاة السفر ركعتين ووقف الناس ينظرون إليهم في إجلال وإكبار، وفي عجب وإعجاب، وأميرات القصر ينظرن من وراء حجاب، والملكة تنظر من وراء الستر الذي علق بينهما وبين مجلس المهراجه، وكلهم يتعجبون من قوة إيمان هؤلاء المؤمنين الفقراء، وخشوعهم أمام ربهم، وشدة محافظتهم على فرائضهم، وقلة احتفالهم بالمظاهر واسباب الزينة والعظمة .
الاذان في القصر الوثني عمل أثنى عليه جميع علماء الأمة ومؤرخيها ومجاهديها .
وهذا عكس ما حدث في مجلس النواب المصري حين قام الرجل الشجاع صاحب الموقف الجديد في الحق ورفع كلمة الحق : الله أكبر الله أكبر وهو ما قوبل باستهجان واستنكار من الجميع .
ويا للعجب أن يتفق على استهجان الفعل كل من كان في المجلس من نصارى ومرتدين وعلمانيين وليبراليين ومنسلخين واضف لهم الاخوان والسلفيين ايضا وحتى رئيس المجلس المسلم استهجن فعل الأذان هو واتباعه ، وفي خارج المجلس كان الاستهجان من العامة والخاصة ، بعكس ما حدث في قصر المشركين الذين قبلوا الأذان في قصرهم .
ويا عجب العجاب من استهجان رفع الأذان في مجلس النواب !
ممدوح اسماعيل لم يكن يقصد اقامة الصلاة فحسب، وكان يكفيه أن يصليها قصرا أو جمع تقديم أو تأخير على حسب الحالة، وكان يكفيه أن يخرج ويصلي ثم يعود وهو أمر يسير وخصوصا في أوقات الراحة المعلومة في مجلسهم ، لكن الرجل وهذا ظني به ، كان يريد شيئا آخر، كان يريد أن يعلن أن مصر إسلامية ظاهرا وباطنا.
كان يريد أن يعلنها لنصارى مصر والعالم وللعدو القابع على الحدود في فلسطين المحتلة .
كان يريد أن يرفع راية لا إله إلا الله واذان الحق "الله أكبر الله أكبر"
فعلها الشيخ باقر المجاهد مع الشهيد بإذن الله الشيخ أحمد عرفان رحمه الله في القصر الوثني.
وفعلها ممدوح اسماعيل في عصرنا ونال شرف ان يكرر ما فعله الشهيد بإذن الله المؤذن الشيخ "باقر" مؤذن الجهاد والابطال .
رحم الله الشيخ "باقر" الشهيد بإذن ربه .
ورحم الله أخونا الشيخ ممدوح اسماعيل صاحب راية الله أكبر الله أكبر والتي ستظل علامة له ولشخصه سوف يسجلها له التاريخ، لكن لن تسجل اليوم بحبر الهزائم، بل سوف تسجل غدا بحبر المنتصر الظافر ... حبر كتبت به من قبل كلمة الله أكبر الله أكبر .. من أحمد عرفان وباقر وزنكي وصلاح الدين وقطز وبيبرس ومحمد الفاتح والقانوني .
الله أكبر .. الله أكبر .
.
.
مقال بقلم : محمد الفاتح .
المرجع : كتاب "إذاهبت ريح الايمان" تأليف الشيخ ابو الحسن الندوي صــ 58 .