الاثنين، 5 يوليو 2021

السلطان ملكشاة

 شاهد السلطان ملكشاة موكب الحجاج في طريقهم الى بيت الله الحرام فتأثر بالمشهد ونزل من موكبه على الارض وعفر وجهه في التراب وبكى وقال :

بلغوا سلامي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولوا العبد العاصي المذنب ملكشاة يخدم الامة ويقول لو كنت ممن يصلح لتلك الرحلة المقدسة لكنت في الصحبة ... فبكى وابكى كل من كان حوله من وزراء وقادة جيوشه والعلماء والمستشارين والجنود والعامة .
انت متخيل يا مسلم ان ملك مسلم يبكي من شدة التاثر بعد مشاهدة موكب الحجيج .
ومتخيل ان البكاء كان سببه ان الملك المجاهد ظن بنفسه ان ذنوبه منعته التوفيق الى هذه العبادة.
انت متخيل ملك مجاهد عادل يعفر وجهه في التراب ذلا لربه امام شعبه وقادة جيشه ويعترف بأنه مقصر مذنب .
انت متخيل ان كل قيادة الامبراطورية السلجوقية يبكون من بكاء ملكهم .
انتم متخيل ان وزير يبكي تأثرا بمشهد الحجيج يكون هذا معناه انه وزير تقي ورع له قلب رقيق وايمان عميق .
انت متخيل قادة جيش يبكون وهم على صهوة احصنة الجهاد وهم عائدون من جهاد وفي طريقهم الى جهاد آخر .
انت متخيل الموقف والمشهد في ذهنك يا مسلم .
هؤلاء القوم ملوكا وقادة جيش ووزراء وعلماء كانوا يعتبرون وظائفهم ومواقعهم هي مجرد أداة يستغلوها للتقرب الى الله .
هؤلاء قوم قالوا عن انفسهم نحن خدم استخدمنا الله لخدمة هذه الامة .. فلا تكبر ولا تجبر ولا ظلم على العوام .
انت متخيل ان أي مسلم فقير ضعيف كان يمكنه ان يوقف السلطان ملكشاة وموكبه ثم يذكره بالله ويرهبه ويرغبه وينصحه والملك منكس رأسه لأسفل تواضعا للنصيحة والناصح .
هؤلاء القوم كان لابد ان يسودوا العالم بهذه الاخلاق وتلك التربية الاسلامية العظيمة .
انا حين ادخل في سيرة هؤلاء القوم لا اريد الخروج من الكتاب الى واقعنا المر الذي نحياه .
هذا تاريخ يجب ان يصل لكل الاجيال لنخرج جيل على الاقل يعرف تاريخه ويتخلق ببعض اخلاق قوم سبقونا بعظائم الاخلاق وعظيم التواضع .
.
.
محمد الفاتح .
المصدر : كتاب اخبار دولة السلاجقة – د. علي الصلابي .

السلطان ملكشاة

 جاء فلاح الى السلطان ملكشاة يشتكي له ان عمال وزيره سرقوا منه حمل بطيخ وكان الحمل هو كل راس ماله .

فقال له السلطان : اليوم ارد عليك حملك .
ثم أمر الشرطة بالبحث عن البطيخ فوجدوا بطيخ في خيمة حاجبه .
فاستدعى الحاجب وسأله من أين لك هذا البطيخ ؟
فقال الحاجب جاء به الغلمان او العمال فقال السلطان احضرهم .
فذهب الحاجب وقام بتهريب الغلمان وافلتهم من يد العدالة .
ثم عاد الى السلطان وادعى هروب الغلمان وعجزه ان يعثر عليهم .
فقال له السلطان اعطني يدك فوضع الحاجب يده في يد السلطان فجره السلطان من يده ووضع يد الحاجب في يد الفلاح صاحب المظلمة وقال له هذا الوزير الذي سرقك هو ملك لك تفعل به ما تشاء مقابل ما اخذ منك من حق .
فافتدى الحاجب نفسه من العبودية بــ 300 دينار اي أكثر من 70 ألف دولار بسعر اليوم وهو مبلغ ثروة في زمانه أو زماننا .
حكام لم يقيموا دولهم العظيمة بالجيوش والسلاح والقوة فقط بل اقاموها بالعدل والاحسان الى الضعفاء ونصرة كل مظلوم واخذ الحق من الظالم مهما علا شأنه .
.
.
محمد الفاتح .
المصدر : كتاب اخبار دولة السلاجقة ص84 – د. علي الصلابي .