الجمعة، 19 يونيو 2015

أرمانوسة بنت القوقس في أسر المسلمين .....

وهزم عمرو بن العاص الروم في بلبيس وارتدوا إلى المقوقس في "منف" وكما أشرنا من قبل ان أرمانوسة وقعت في أسر المسلمين فأحسن سيدنا عمرو بن العاص معاملتها كما أمره دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم ، والسؤال هنا للنصارى والعلمانيين وكل من يبغض عمرو بن العاص ويقول على فتح مصر " غزو مصر " السؤال هو إذا كان المسلمون متوحشون وهمجيون فلماذا لم يأخذ عمرو ، ابنة المقوقس في الأسر وهي من هي بنت ملك وجميلة وغنية وفيها إذلال لابوها وكسر لشوكة النصارى أو لماذا لم يقتلها أو لماذا لم يطلب فدية وكان والدها سيعطي مقابلها كل ما يملك دون نقاش أو لماذا لم يغتصبها الجنود أو قائدهم عمرو ؟!! وكان الأمر يسير في ايديهم ؟!!
إنه الإسلام ورحمة الإسلام وإنسانية هذا الدين الحق حتى مع الأعداء والخصوم .
إن هناك حالة تعمد لتغذية روح التطرف وتبغيض الناس في الفتح الإسلامي ولكن الحقيقة والمقصود هو التبغيض في الإسلام ذاته حيث أن الكنيسة وشياطينها لن يتنازلوا عن بغضهم للإسلام بسبب أن أخلاق المسلمين طيبة وحسنة من القديم حتى اليوم بل أنهم في كل الأحوال لن يرضوا عنا ولن يترددوا في الكيد بنا مهما تعاملنا معهم بالحسنى وإلا بماذا نفسر هجومهم الشرس على جيش فتح مصر ؟!! .
وبالطبع هذه ليست دعوى للتعامل معهم بغير ما أمر الإسلام بل سنلتزم بما أمرنا به مهما جاءت الخيانة والكيد منهم .
 فلما أراد عمرو بن العاص توجيه أرمانوسة إلى أبيها، وانتهى ذلك إلى مارية قالت لها: لا يجمل بمن كانت مثلك في شرفها وعقلها أن تكون كالأخِيذة، تتوجه حيث يُسار بها؛ والرأي أن تبدئي هذا القائد قبل أن يبدأكِ؛ فأرسلي إليه فأعلميه أنك راجعة إلى أبيك، واسأليه أن يُصحبك بعض رجاله؛ فتكوني الآمرة حتى في الأسر، وتصنعي صنع بنات الملوك!
قالت أرمانوسة: فلا أجد لذلك خيرًا منك في لسانك ودهائك؛ فاذهبي إليه من قِبَلي، وسيصحبك الراهب "شطا"، وخذي معك كوكبة من فرساننا.
قالت مارية وهي تقص على سيدتها: لقد أديتُ إليه رسالتكِ فقال: كيف ظنها بنا؟ قلت: ظنها بفعل رجل كريم يأمره اثنان: كرمه، ودينه. فقال: أبلغيها أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- قال: "استوصوا بالقبط خيرًا؛ فإن لهم فيكم صهرًا وذمة" وأعلميها أننا لسنا على غارة نُغِيرها، بل على نفوس نُغَيِّرها.
ورجعتْ بنت المقوقس إلى أبيها في صحبة "قيس"، فلما كانوا في الطريق وجبت الظهر، فنزل قيس يصلي بمن معه والفتاتان تنظران؛ فلما صاحوا: "الله أكبر..." ارتعش قلب مارية، وسألت الراهب "شطا": ماذا يقولون؟ قال: إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم، كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعة في وقت ليس منه ولا من دنياهم، وكأنهم يعلنون أنهم بين يدي من هو أكبر من الوجود؛ فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت ونزاع الوقت وشهوات الوقت، فذلك هو دخولهم في الصلاة؛ كأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة؛ ومحوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها؛ انظري، ألا تريْنَ هذه الكلمة قد سحرتهم سحرًا فهم لا يلتفتون في صلاتهم إلى شيء؛ وقد شملتهم السكينة، ورجعوا غير من كانوا، وخشعوا خشوع أعظم الفلاسفة في تأملم .
قالت مارية: ما أجمل هذه الفطرة الفلسفية! لقد تعبت الكتب لتجعل أهل الدنيا يستقرون ساعة في سكينة الله عليهم فما أفلحت، وجاءت الكنيسة فهوَّلت على المصلين بالزخارف والصور والتماثيل والألوان؛ لتوحي إلى نفوسهم ضربًا من الشعور بسكينة الجمال وتقديس المعنى الديني، وهي بذلك تحتال في نقلهم من جوهم إلى جوها، فكانت كساقي الخمر؛ إن لم يعطك الخمر عجز عن إعطائك النشوة, ومن ذا الذي يستطيع أن يحمل معه كنيسة على جواد أو حمار؟
قالت أرمانوسة: نعم, إن الكنيسة كالحديقة؛ وهي حديقة في مكانها، وقلما توحي شيئًا إلا في موضعها؛ فالكنيسة هي الجدران الأربعة، أما هؤلاء فمعبدهم بين جهات الأرض الأربع.
قال الراهب شطا: ولكن هؤلاء المسلمين متى فُتحت عليهم الدنيا وافتتنوا بها وانغمسوا فيها؛ فستكون هذه الصلاة بعينها ليس فيها صلاة يومئذ.
.
.
.
وللحديث تتمة شيقة إن شاء الله فتابعونا .
.
.
كتبه : محمد الفاتح .
المصدر : كتاب من وحي القلم للرافعي صفحة 16 ، 17 ...............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق