السبت، 25 فبراير 2017

لا ترمي أمك بالحذاء !

لا ترمي أمك بالحذاء أمام الغرباء !!
لا ترمي التراب على وجهها ثم تسخر منها أنها ليست نظيفة !!
حينما تكتب اسمك باللغة الانجليزية فأنت ترمي أمك بالحذاء !!
حين تدخل كلمات من لغة أخرى على لغتك دون حاجة فأنت ترمي أمك بالحذاء أو تعفر وجهها بالتراب .. تهينها .. تحتقرها ... تقلل من شأنها !
أمك هي لغتك العربية وأنت حين لا تحترم لغتك فأنت لا تحترم أمك .. أصلك ... هويتك .. من أرضعتك ... لغة قرآنك ..!!
تعالى انقل لك شيء من عزة بعض الأقوام بلغتهم وهي لغة ربما أنت تسمع بها لأول مرة :
في إحدى قرى دولة داغستان سمع رسول حمزاتوف _ صاحب رواية بلدي _ امرأتين تتلاعنان .. قالت إحداهما : 
_ ليحرِم اللهُ أطفالَكِ مَن يستطيع أن يعلمهم اللغة !!
فردت الأخرى : 
_ بل ليحرم اللهُ أطفالَكِ من يستطيعون أن يعلموه اللغة !!
كانت هذه (اللعنة) _ كما يقول حمزاتوف _ أرهب لعنة سمعها في لعنات أهالي الجبال !! 
  وأهالى الجبال هم سكان داغستان حيث أراضيها جبال وعرة .
يقول الاستاذ على فريد :
الأمر ليس هيناً كما تظن .. بل هو لعنة .. لعنةٌ ستصيبك في مقتل !!
أنت مخطئ حين تظن أن اللغة ليست أكثر من أداة تواصل تستطيع استبدالها وقتما تشاء !!
الأمر أشبه بفقدان أوراقك الثبوتية في أرض غربة .. إن فقدتها فستتحول إلى كائن يتنفس .. تماماً كما يتنفس الكلب والحمار والخنزير !! 
اللغة تاريخك الذي تحمله فوق ظهرك ، وتراثك الذي يشكل وعيك ، وهويتك التي تُنبئ عن ذاتك ، وروحك التي تمور بين جوانحك ، ووجهك الذي تقابل به الدنيا .. 
أنت الجنين وهي الحبل السري الذي إن انقطع مِتَّ !!
لماذا تُصر على الانتحار ؟!
في باريس .. التقى رسول حمزاتوف رساماً داغستانيا هاجر منذ عقود طويلة ولم يعد لبلاده .. لقد شعر معه ببعض الدفء الذي يشعر به أبناء البلد الواحد في الغربة .. وحين عاد إلى داغستان سأل عن أهله فاكتشف أن أمه لا تزال على قيد الحياة .. لقد فرحت كثيراً حين حدثها عن ابنها .. وفي نهاية الزيارة سألته : هل تحدثتما بالآفارية ؟ ( وهي لغة أهالي داغستان ) 
فأجاب رسول : كلا ، لقد تحدثنا بواسطة مترجم ، كنتُ أنا أتكلم الروسية وابنك يتكلم الفرنسية .. غَطَّت الأمُ وجهَهَا بطرحتها السوداء كما تفعل النساء حين يسمعن بموت أبنائهن ، وبعد صمت حزينٍ قالت : أنت مخطئ يا رسول .. لقد مات ابني منذ زمن بعيد ، هذا لم يكن ابني ، فابني لم يكن ليستطيع أن ينسى اللغةَ التي علمتُه إياها أنا أمه الآفارية !! 
هذا قول امرأة آفارية فقيرة وربما لا تجيد الكتابة لكنها تعتز بهويتها وتتفاخر بها وتتمسك بها حد الموت واشد من الموت وهو أن ترفض أن ينسب ابنها لها لأنه ترك لغته واعتبرته في عداد الأموات .
هذا مع لغة عادية .. كيف بك وأنت لغتك لغة القرآن الكريم كلام ربك العظيم وكلام نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم .
هل بلغ انسحاقك الحضاري وهشاشة شخصيتك  أن تترك لغة أنزل الله بها كتابه العربي على نبيك العربي في وطنك العربي ؟
ولكن هذه سنن التقلب الحضاري بين ذاهب بحضارته وبين مقبل فإن الأمم إن علت وتحضرت صعدت معها لغتها وإن الأمم سقطت سقطت معها لغتها.
لا تقل لي أن لغتك لا تجاري لغة العلم ولا تقل أن مصطلحاتها لا تساير تقدم العلوم والعصر.
بل أنت الساقط ... أنت من انحدر بلغتك عن العلم .. أنت من تأخرت بها إلى هذه الدرجة من التغييب والبعد عن ركب التطور ّ.
أنت من تملكت منه عقدة تقليد الخواجة في كل شيء من ملبس لمأكل لمشرب حتى اللغة التي تتحدث وتتعامل بها !
هل تعلم يا هذا أن عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل بلغ 12 مليون و305 ألف و412 كلمة .
وهو يعني ما يمكن تكوينه بتركيب أحرف الهجاء على كل شكل من الثنائي والثلاثي والرباعي .
ويقول الحسن الزبيدي :
إن عدد الألفاظ العربية 6 مليون و699 ألف و400 لفظ لا يستعمل منها إلا 5620 لفظا والباقي مهمل 
ويقول آخرون :
إن اللغة العربية تتألف من 80 ألف مادة ، المستعمل منها 10000 فقط والمهجور من ألفاظها 70000 مادة لم تستعمل إلى اليوم ولماذا هُجر منها هذا الرقم المهول ؟
بسببك أنت وتخلفك أنت .. بسبب أتباعك للتقليد الأعمى مثل القرود في الحركات والببغاء في الكلمات . 
وهذه الإشارات على اختلاف أرقامها وتعدد مصادرها تكشف عن طبيعة اللغة العربية وتاريخها دون حاجة إلى أي قدر من الإشادة أو المبالغة، وهي في مجموعها تعطي صورة الثراء والغني في الحصيلة وتكشف عن البعد التاريخي والنمو والحيوية في نفس الوقت .
أنا الآن لا اطلب منك أن تكون عالم نحو أو لغة عربية أو أن تكتب الشعر والنثر فأنت اقل من هذا بكثير 
انا أطلب منك حجمك وما يناسب همتك الضعيفة .
أطلب فقط أن تكتب اسمك باللغة العربية .. فهل هذا كثير ؟!!
.
.
.
كتبه : محمد الفاتح . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق