الأحد، 12 أغسطس 2018

أسطورة النقود تنفجر ولغز التمويل ينحل!! ـ محمد يوسف عدس

قد تسوق الصدفة للإنسان أحياناً – ومن حيث لا يحتسب – فرصة تيسر عليه بعض الصعوبات المعرفية، وهذه القصة واحدة من هذه الصدف السعيدة التي أفادتني في فهم حقائق اقتصادية كانت مستغلقة علىّ، ومكنتني من الربط بين نثارها فانتظمت في عقد واحد واكتسبت إضاءة جديدة.
مؤلف هذه القصة رجل اقتصاد كندي اسمه "لويس إيفين" أراد أن يبسط الأمور لغير المختصين من أمثالي حتى يتسنى لهم استيعاب القضية دون أن يصطدموا بالمصطلحات المعجمية أو الخلافات النظرية .. ولا تكتسب هذه القصة المثيرة قيمتها الحقيقة من شهرة مؤلفها بقدر ما تكتسبها من المضمون الذي تنطوي عليه والمغزى الإنساني الذي تلمح إليه.
أما بالنسبة لي فقد كانت باباً جديداً إلى عالم من المعارف والأفكار والأشخاص تبينت فيه أن عدداً لا بأس به من المفكرين الغربيين يبشرون بنظام اقتصادي جديد متحرر من الفائدة، لأنهم يعتقدون أن النظام الاقتصادي التقليدي السائد قد تسبب في خراب المجتمعات على مرّ العصور.
وأنه كان دائماً وراء الكوارث الاقتصادية والجشع الرأسمالي والحروب المدمرة ونهب ثروات الشعوب، وأحد أسباب الفقر والجوع التي تعصف بشعوب العالم الثالث.
والقصة بعد هذا حكاية بسيطة صاغها خيال المؤلف على غرار قصة "حي بن يقظان" العربية وقصة "روبنسون كروزو" الإنجليزية، ولها مذاق جذاب من مغامرات السندباد البحري الذي ألقت به المقادير على شواطئ جزر عجيبة خلال رحلاته المثيرة.
جزيرة الخلاص
سفينة تحطمت في المحيط الهائج فغرق ركابها فيما عدا خمسة منهم تعلقوا ببعض حطام عائم ألقى بهم على شاطئ جزيرة مهجورة ... حيث ظلت عيونهم لساعات طويلة معلقة بالأفق البعيد عسى أن تقترب منهم سفينة إنقاذ تعود بهم إلى حياة الحضارة والأهل بعد أن تقطعت بهم الأسباب، ولكن مازال الأمل يتسرب من نفوسهم حتى تبين لهم أنهم ماكثون في هذه الجزيرة إلى ما شاء الله ... فشرعوا يتجولون في الجزيرة يستكشفون أرضها ويتعرفون على ما فيها ... فقد أصبحت وطنهم الجديد.
كانوا خمسة رجال كنديين: فرانك وهو نجار ضخم البدن مفعم بالحيوية، وبول فلاح إعتاد على الصبر والحياة الشاقة، وجيم مربى ناجح للحيوان، وهارى متخصص في الزراعة، وتوم خبير في المناجم والتعدين.
الاستطلاعات الأولية رفعت روحهم المعنوية فلم تكن الجزيرة صخرة جرداء ولكن بها حيوانات قابلة للاستئناس والاستخدام، قال جيم أنا كفيل بذلك، ووجد بول مساحات كبيرة من الأرض صالحة للزراعة، واكتشف هارى في الغابة أشجار فاكهة مختلفة تحتاج إلى شئ من العناية، أما فرانك فقد وجد أن أكثر أشجار الغابة مصدر لأخشاب جيدة تصلح لبناء المنازل، ثم جاء توم بخبر سعيد فقد تبين له أن التركيبة الصخرية للجزيرة تدل على وجود معادن كثيرة فيها.
مضت الأيام سراعاً وبدأت الجزيرة تزدهر بفضل العمل الدؤوب للرجال الخمسة .. لم تكن ثروة الجزيرة من الذهب أو أوراق البنكنوت ولكن من أشياء ذات قيمة حقيقة، ثروة من الطعام والملابس والمساكن وغير ذلك من أشياء يحتاجها الإنسان لمواصلة حياته.
كل واحد منهم اشتغل في صنعته فأنتج فيها إنتاجاً وفيراً، وما زاد عن حاجته كان يتبادل به على أشياء فائضة من إنتاج الآخرين.
لم تكن الحياة كاملة كما ينبغي أو كما اعتادوا عليها في الماضي .. ولكنهم كانوا يعللون أنفسهم بأنها فترة ستنقضي ثم يعودون إلى وطنهم وأسرهم، وحمدوا الله أنهم لم يعانوا ذلك الكساد الاقتصادي الذي خبروه بعض الوقت في كندا، فهم يتذكرون الأمعاء الفارغة جنباً إلى جنب بجوار المحلات الحافلة بالطعام والبضائع .. على الأقل .. في هذه الجزيرة – لا يرون الأشياء التي حرموا منها تتعفن أمام أعينهم، ولا يقلقون من الضرائب ولا يعيشون في خوف من حملات الشرطة على بيوتهم قبل الفجر.
اعتاد الرجال أن يجلسوا معاً كل يوم للحديث في شئونهم ومشكلاتهم، ومن هذه المشكلات أن نظام المقايضة بالسلع له عيوب فالسلع لم تكن كلها حاضرة طوال الوقت .. فالخشب الذي استخدمه الفلاح خلال الشتاء ليطهي طعامه ويستدفئ به لم يكن يستطيع مقايضته بالبطاطس إلا بعد ستة أشهر .. وقد تتوفر لأحدهم كمية كبيرة من إنتاجه ويريد أن يستبدلها بسلع أخرى من إنتاج عدة أشخاص وفي أوقات مختلفة .. كل هذا عقّد نظام المقايضة وألقى بعبء ثقيل على الذاكرة .. وانتهوا إلى أنه لو كان هناك نظام للنقود لاستطاع الواحد أن يبيع ويشتري بالنقود الأشياء التي يريدها في الوقت الذي يحتاجها فيه .. ولكن للأسف ولا واحد منهم كان خبيراً بإنشاء مثل هذا النظام .. إنهم يعرفون كيف ينتجون ثروة حقيقية من السلع والخدمات، ولكن كيف تنتج النقود التي هي رموز لهذه الثروة فشئ خارج عن نطاق خبراتهم.
في مساء يوم من الأيام وكان الرجال يجلسون على شاطئ البحر يتحدثون عن نفس المشكلة .. ربما للمرة المائة رأوا قارباً صغيراً يقترب من الشاطئ وبه رجل واحد .. علموا فيما بعد أنه الوحيد الذي نجا حياً من ركاب سفينة محطمة واسمه أوليفر. كانوا مبتهجين أن يجدوا رفيقاً جديداً فأتحفوه بأفضل ما عندهم .. ثم أخذوه في جولة حول الجزيرة وقالوا له: رغم أننا انقطعنا عن العالم ولكننا لا نشكو كثيراً فالأرض والغابة بهما خير كثير والحمد لله ولكننا نفتقد شيئاً واحداً هو النقود .. فقال أوليفر: حسناً .. يمكنكم أن تشكروا العناية الإلهية فأنا من رجال البنوك وفي أقصر وقت أنشئ لكم نظاماً نقدياً يحل مشكلاتكم، وبذلك يتوفر لكم كل شئ مما يتوفر للناس في الحياة الحضارية هتفوا مسرورين! رجل بنكي .. رجل بنكي! كأن ملاكاً قد نزل إلينا من السماء!
إلــه الحضارة
- يا سيد أوليفر – باعتبارك رجل البنك عندنا فسيكون عملك الوحيد هو العناية بنقودنا فقط .. لا حاجة بك للعمل اليدوي هنا.
قال: سوف أعمل على رفاهية هذه الجزيرة بكل طاقتي.
فقالوا: سنبني لك بيتاً يليق بمقامك المحترم، وحتى يتم هذا نرحب بك ضيفاً في بيوتنا.
قال: شكراً لكرمكم .. ولكن قبل كل شئ علينا أن نفرغ حمولة القارب فهناك مطبعة وورق وأحبار وحروف، ويوجد برميل صغير أرجو أن تتناولوه بأكبر قدر من العناية. أفرغ الرجال القارب.. إلا أن البرميل الصغير أثار كثيراً من فضولهم .. فقال أوليفر: "إن هذا البرميل به كنز يفوق الأحلام .. إنه مملوء بالذهب"!.
شهق الرجال الخمسة في نفس واحد وهتفوا: إله الحضارة قد نزل عندنا في جزيرة الخلاص! الإله الأصفر .. الذي يختفي دائماً فلا تدركه الأبصار ولكن لديه قوة رهيبة .. بوجوده وغيابه وتقلّب أسعاره تتقرر مصائر البلاد المتحضرة!..
- "ذهب" يا سيد أوليفر .. لابد أنك رجل بنكي عظيم..!!
يا لمهابتك يا صاحب العظمة – أيها المبجل أوليفر .. يا أعظم كهنة الإله الذهبي! تقبل ثناءنا وتقديرنا وقسمنا لك بالولاء والإخلاص! 
- نعم أيها الرفاق إنه ذهب يكفي لقارة كبيرة لا لجزيرة فحسب .. ولكن الذهب يا رفاق ليس للتداول .. فالذهب لابد من إخفائه .. إنه روح النقود الجيدة .. والروح دائماً غير مرئية .. وسوف أشرح لكم الأمر عندما تتسلمون أول دفعة من النقود.
وقبل أن ينصرفوا إلى حال سبيلهم سألهم أوليفر: "كم من النقود تحتاجون لتصريف تجارتكم"؟ .. نظر بعضهم إلى بعض وتشاوروا فيما بينهم حتى استقر الرأي على مائتي دولار لكل واحد منهم .. ذهبوا إلى فرشهم ولكن عز النوم عليهم فقد امتلأ خيالهم بصورة الذهب فظلوا مستيقظين حتى مطلع النهار.
أما أوليفر فلم يضيع لحظة من وقته رغم ما أصابه من إجهاد .. ذاب في تيار حماسه لمستقبل هبط عليه كمدير للبنك ووزير لاقتصاد الجزيرة .. ومع تنفس الصبح كان قد انتهى من إعداد حفرة دفن فيها البرميل وأهال عليه التراب وغرس فوقه شجيرة صغيرة فأصبح مكانه غير معروف من أحد سواه. ثم بدأ يشغل أدواته في طباعة أوراق نقدية مجمل قيمتها ألف دولار .. وقال لنفسه "لقد أصبح الشريد مدير بنك!" كم هي مسألة سهلة أن تصنع النقود .. إن زبائني السذج يظنون أن هذه النقود تستمد قيمتها من الذهب .. ويجهلون هذه الحقيقة: وهي أن قيمة النقود تكمن في المنتجات التي ستشتريها .. يعنى في قوتها الشرائية .. فبدون المنتجات تصبح هذه الأوراق عديمة القيمة .. ولجهلهم جعلوني سيدهم!..
من يملك النقود
فلما حل مساء اليوم التالي هرول الخمسة إلى أوليفر .. وكان على المنضدة خمسة أكياس من النقود عندما بادرهم أوليفر قائلاً: قبل توزيع النقود أود أن ألفت أنظاركم إلى أمر مهم.. أنتم تعلمون أن أساس النقود هو الذهب .. والذهب عندي محفوظ في خزينة البنك فهو ذهب أملكه .. وترتيباً على ذلك تكون النقود نقودي .. ولكن لا ينبغي أن تشعروا بحرج من ذلك. فسوف تتصرفون بالنقود كيف تشاءون .. وسيكلفكم هذا أن تدفعوا لي فائدة مقدارها 8% وهي فائدة معقولة في بلد تشح فيها النقود.
أجابوا جميعاً بنفس واحد: لك ما تريد يا سيد أوليفر .. هذا شئ معقول، فقال: نقطة أخيرة أيها الأصدقاء: "البيزنيس بيزنس "الشغل شغل" حتى بين الأصدقاء .. قبل أن تأخذوا النقود على كل واحد منكم أن يوقع على ورقة تلتزمون فيها أن تدفعوا الفائدة ورأس المال .. وفي حالة الامتناع عن الدفع يحق لي مصادرة ممتلكاتكم .. إنها مجرد شكليات كما ترون فممتلكاتكم لا تهمنى في شئ .. فأنا مكتف بالنقود وأثق أنني سوف أحصل عليها في موعد استحقاقها وتحتفظون أنتم بممتلكاتكم".
قالوا: إنه أمر معقول يا سيد أوليفر .. ولسوف نجتهد في أعمالنا ونسدد ديوننا إليك في حينها.
قال: هذه روح طيبة .. وأنا في خدمتكم دائماً – إذا اعترضتكم مشكلة فتعالوا إلى أحلها لكم فمدير بنككم هو أفضل صديق لكم .. وها هي النقود .. لكل واحد منكم مائتا دولار.
وهكذا انصرف الرفاق الخمسة وأيديهم ممتلئة بالدولارات الورقية وعقولهم تسبح في بهجة الحصول على المال.
الحل هو المعضلة
أصبحت نقود السيد أوليفر متداولة في الجزيرة وأصبحت التجارة سهلة بل تضاعفت .. وأضحى كل إنسان سعيداً بمجريات الأمور .. وكان مدير البنك دائماً في موضع التقدير والاحترام والاعتراف بالجميل .. فيما عدا شخص واحد وهو "توم" المنقّب عن المعادن .. لماذا يبدو مهموماً وقد جلس وحيداً منهمكاً في حسابات ومعه القلم والورقة؟! فتعالى ننظر في أمر توم:
لقد وقع توم مع زملائه على عقود تقتضى أن يعيدوا إلى البنك نقوده في نهاية العام، يعنى مائتا دولار + 16 دولاراً أخرى .. ولكن توم لا يجد في جيبه سوى حفنة قليلة من الدولارات ويوم تسديد الدين يقترب حثيثاً .. كان الرجل يفكر في هذه المعضلة ملياً منذ وقت طويل .. ولم يجد لها حلاً .. والآن أخذ ينظر إلى المشكلة من وجهة نظر الجماعة ككل .. قال في نفسه: هل يستطيع كل من في الجزيرة أن يدفعوا لأوليفر 1080 دولاراً بينما كل نقود الجزيرة مجتمعة لا تزيد عن ألف دولار فإذا دفعناها كلها إليه سنبقى جميعاً مدينين له بثمانين دولاراً غير موجودة أصلاً .. وبسبب هذا الدين يستطيع أوليفر أن يستولى على كل ممتلكاتنا ومنتجاتنا .. يعنى يستولى على الجزيرة كلها ويخرجنا منها مفلسين .. حتى لو استطاعت قلة منا لديها النقود أن تسدد ديونها هذا العام فسوف يأتي الدور على الجميع في الأعوام التالية ويستولى البنك على كل شئ .. لابد أن نعقد على الفور اجتماعاً لنرى معاً ماذا يمكن عمله في هذه المعضلة.
استطاع توم بالأرقام أن يبرهن على صحة رأيه واتفق الجميع على أن صديقهم البنكي قد خدعهم وقرروا عقد اجتماع معه على الفور.
(2) البنكي الخير
تولى فرانك شرح وجهة نظر الجماعة واستمع أوليفر بصدر رحب والابتسامة لا تفارق شفتيه .. قال: كيف نستطيع أن ندفع لك 1080 دولاراً وكل ما في الجزيرة من نقود لا يزيد عن ألف دولار فقط؟!.
أجاب أوليفر: هذه هي الفائدة يا أصدقائي، ألم يرتفع معدل إنتاجكم؟.
فقالوا: بالتأكيد ولكن النقود لم تزد مع زيادة الإنتاج .. وأنت الوحيد الذي تصنع النقود، وقد صنعت لنا ألف دولار فقط وتريد الآن أن تسترد 1080 دولار .. هذه استحالة!..
قال البنكي أوليفر: "الآن استمعوا إلىّ يا أصدقاء .. من أجل خير أكبر للجماعة عليها أن تكيّف أوضاعها لظروف الزمن .. إنني سوف أطالبكم فقط بتسديد الفائدة وسوف تبقى معكم رءوس أموالكم المقترضة .. مائتا دولار لكل واحد منكم .. فأجابوا جميعاً: "بارك الله فيك يا سيد أوليفر.. هل ستلغى المائتى دولار التي يدين بها كل واحد منا لك؟".. 
رد أوليفر مبتسماً: لا .. لا .. آسف .. ليس الأمر هكذا .. إن البنك لا يلغى الديون أبداً .. فستظلون مدينين لي بالنقود التي اقترضتموها .. ولكنكم ستدفعون لي سنوياً الفوائد فقط .. فإذا دفعتم الفوائد كل عام بأمانة فلن أطالبكم بتسديد رأس المال.. ربما لا يستطيع البعض تسديد قيمة الفوائد كل عام نظراً لتداول النقود.. حسناً نظموا أنفسكم في شكل دولة وأنشئوا نظاماً للضرائب بموجبه يدفع الأغنياء ضرائب أكثر ويدفع الفقراء أقل .. اجمعوا قيمة الفوائد كلها في مبلغ وسوف أكون راضياً بذلك .. وتأكدوا أن دولتكم ستزدهر"..
انصرفت الجماعة وقد اطمأنوا بعض الشئ ولكن لا تزال الشكوك تساور عقولهم.
أحلام البنكيّ تتضخم
جلس أوليفر بمفرده يتأمل فيما آلت إليه حياته .. وجرت أفكاره على هذا النحو: "البيزنيس يسير على ما يرام .. وهؤلاء الأولاد عمّال مجتهدون وإن كانوا أغبياء.. فإن غباءهم وجهلهم هما مصدر قوتي وازدهاري .. إنهم يطلبون النقود وأنا أعطيهم سلسلة من القيود والشروط .. يمنحونني من إنتاجهم ما أريد وأنا أحصد وفي جيوبهم من نقود .. حقاً إنهم قد يتمردون علىّ ويلقون بى في البحر، ولكن حتى لو تمردوا فإن معي توقيعاتهم .. إنهم أناس أمناء كادحين وُضعوا في هذه البقعة من العالم ليقوموا على خدمة رجل المال".
ثم توجّه بحديثه إلى أستاذه فقال: "أيها الشيطان الأعظم إنني أشعر أن عبقريتك البنكية تسري في عروقي .. يا سيد الوهم والإبداع لكم كنت صادقاً عندما قلت: "أعطني السيطرة على نقود الأمة ولا يهمنى بعد ذلك من يصنع قوانينها" .. وأنا سيد جزيرة الخلاص لأنني أسيطر على أموالها .. إن روحي ثملة بالحماس والطموح .. وأشعر أنني أستطيع حكم العالم كله .. فالذي صنعته أنا أوليفر هنا أستطيع أن أصنعه في بقية العالم .. فقط إذا استطعت أن أخرج من هذه الجزيرة .. إنني أعرف كيف أحكم العالم بأسره دون أن أضع تاجاً على رأسي .. وسوف تتعاظم بهجتي وسعادتي عندما أنفث فلسفتي في عقول قادة المجتمعات من البنكيين والصناعيين والسياسيين والإصلاحيين والمعلمين والصحفيين .. كل هؤلاء سيصبحون بعض خُدامي وأدواتي .. وسوف تعيش الجماهير في العبودية سعداء عندما تكون النخبة فيهم مقتنعة بفلسفتي. 

الخميس، 7 سبتمبر 2017

المجاهدة عائشة البشناتية زوجة الظاهر بيبرس.. من أحرار لبنان.............

المجاهدة عائشة البشناتية زوجة الظاهر بيبرس.. من أحرار لبنان...............
.
من من بلاد المسلمين والعرب لا يعرف أكثر شيء مشهور به لبنان ؟!! ، أسرع رد هو المغنيات والممثلات والراقصات ولا يوجد منا من لا يعرف المفسدة هيفاء وهبي وأليسا ونانسي عجرم وأمل حجازي وباسكال مشعلاني وقديما صباح وفيروز وغيرهم الكثير والكثير حيث أن لبنان لا يبخل على العرب بأهل الفساد مثل هوليوود الشرق القاهرة ومدينة الإفساد الإعلامي .
لكن الحقيقة أن لبنان ليست بهذا السوء والصورة القبيحة بل هناك تعمد أن تظهر لبنان بهذه الصورة الفاسدة ويوجد للبنان وجه آخر مشرق ومضيء ، وجه به عزة وشرف وفخر واي فخر .
وبالطبع وحسب المعتاد فالمنتظر مني أن أقول لكم أنه البطل الفلاني ، ولكن هذه المرة سوف يختلف الأمر لأني ساقول لكم أنها البطلة المجاهدة وليس البطل المجاهد كما تعودنا .
هي القائدة الرائدة في المقاومة الطرابلسية، أخت الرجال في العزة والعنفوان، شخصية فريدة كما نطقت بها الروايات الصحيحة مستقاةً من الكتب النزيهة ذات الحيدة الامينة، التي رسمت لها صورة تتراءى لنا مشرقة زاهية.
أنها المجاهدة العظيمة " عائشة البشناتية "  شرف وفخر طرابلس لبنان وأهلها وعز مجدها .
لقد قررت أن أكتب لكم اليوم عن هذه المجاهدة العظيمة لحاجتنا إلى أمثالها من النساء ومن الرجال أيضا فهي فخر وشرف للجميع .
لان ما آلت اليه أحوالنا مهين ومعيب ولا يشرفنا ان نكون أحياء في هذا العصر، فأين اليوم من الأمس؟
عائشة البشناتية او جان دارك طرابلس وأخوها المقدّم حسن
إن الحديث لا يكتمل مالم نتحدث عن عائشة البشناتية تلك المرأة التي لعبت دوراً ريادياً في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس في تحرير طرابلس، من الاحتلال الصليبي، والتي كتبت بأخبارها وملاحمها صفحات مشرقة من تاريخ المقاومة الوطنية الحقة في دحر الاحتلال الصليبي عن بلاد الإسلام ، فقد جمعت بين أنوثتها وجمالها وشجاعتها وعنفوان كرامتها فكانت بحق امرأة( أخت الرجال ) حتى أُطلق عليها جان دارك طرابلس لتكون لنا مفخرة كما يفاخر الفرنسسيون بجان دارك الفرنسيّ .
يقول الشيخ الدكتور عبد المنعم البشناتي في مركز عمله في جامعة الجنان بطرابلس  أخباراً تناقلها عن والده وجده وهكذا ....
يقول د عبد المنعم أن عائشة البشناتية هي بطلة مقاتلة فدائية شجاعة ,وقد جمعت حولها المئات من الرجال في قلعة لا تزال تحمل اسمها الى اليوم وهي قلعة عائشة وآثارها موجودة في منطقة بشنات على علو 2400 م وكان يساعدها اخوها المقدم حسن، وكانت تقوم بغارات ليلية على مدينة طرابلس المحتلة من قبل الصلبيين وهي الميناء حاليا، في محاولة لتكبيد الصليبيين اكبر الخسائر ونذكر هنا معركة المئتين حيث قتل من الصليبيين 200 فارس، وإلى هذه الموقعة تنسب منطقة المئتين في طرابلس، وقد تكررت غاراتها الفدائية لدرجة أن الصليبيين باتوا يخشون الخروج من المدينة لسطوتها وشجاعة جنودها .نشأت علاقة طيبة بينها وبين السلطان بيبرس في سبيل تحرير البلاد من الصليبيين الأمر الذي اثار حفيظة أخيها المقدم حسن لغيرته على اخته وحاول قتله عدة مرات ولكنه فشل في ذلك واخذت الامور بعدها منحى اخر بعد ان تزوج السلطان بيبرس منها وقد ذهبت برفقته الى مصر ولكنها أوصت بدفنها في طرابلس التي احبتها فكان لها ذلك .وضريحها كان لا يزال قائما حتى عهد قريب والمقدم حسن شقيقها هو الذي قتل الامير ( البرنس ) بوهمند السادس أمير طرابلس وقدم رأسه مرفوعا على ترسه للملك الظاهر بيبرس .
فلنتخذ سيرتها منارة تضيء طريقنا رجالا ونساءا بدلا من حفظنا لسيرة المفسدين في الأرض وفي البحر الذين لوثت مقالي بذكرهم ،  أراحنا الله من وجوههم ومن عفنهم هم ومن يدعمهم من مخربي لبنان الحبيبة أرض الإسلام ومهد الدفاع عن أرض المسلمين ضد الروم والبيزنطيين والصليبيين فإن هناك جواهر ودرر في بحر التاريخ اللبناني يحتاج الغواص الذي يخرجه لنا .
فهل من غواص لبناني يمدنا بسيرة هؤلاء الأعلام حتى لا ينحصر تاريخ لبنان في أسماء الساقطات فقط .
ولنتخذ خطوة جديدة في #معركة_الوعي.
.
.
.
كتبه : محمد الفاتح .
.
المصدر : مؤلفات الدكتور المؤرخ عمر عبد السلام تدمري بتصرف .

لماذا سادت الأمة الإنكليزية هذه السيادة كلها في العالم

يقولون : لماذا سادت الأمة الإنكليزية هذه السيادة كلها في العالم ؟
.نجيبهم : إنها سادت بالأخلاق وبالمبادئ

حدثني رجل ثقة أنه يعرف إنكليزيًّا ذا منصب في الشرق كان يأمر خادمه أن يشتري له الحوائج اللازمة لبيته يوميًّا من دكان رجل إنكليزي في البلدة التي هم فيها .
فجاءه الخادم مرة بجدول حساب وفر عليه به 20 جنيهًا في مدة شهر .
فسأله الإنكليزي : كيف أمكنك هذا التوفير ؟
فقال الخادم : تركنا دكان الإنكليزي الذي كنا نشتري منه وصرنا نشتري من دكان أحد الأهالي العرب .
فقال له الإنكليزي : ارجع إلى دكان الإنكليزي الذي كنا نشتري منه .
فقال الخادم : أو لو كان ذلك يستلزم إنفاق 20 جنيهًا زيادة ؟
قال الإنكليزي : ولو كان يستلزم 20 جنيهًا زيادة .

وسمعت أن كثيرين من الإنكليز الذين في الأقطار لا يشترون شيئًا ذا قيمة إلا من بلادهم ويرسلون إلى لندرة فيوصون على كل ما يحتاجون إليه حتى لا يذهب مالهم إلى الخارج .
أفنقيس هذا بأعمال المسلمين الذين مهما أوصيتهم بالشراء من أبناء جلدتهم أو أوطانهم وعلموا أنهم يقدرون أن يوفروا في السلعة الواحدة نصف قرش إذا أخذوها من الإفرنجي تركوا ابن جلدتهم أو ملتهم ورجحوا الإفرنجي ؟ !
أفلم يكن سبب حبوط مقاطعة العرب لليهود في فلسطين أشياء كهذه ؟
حرموا أنفسهم أمضى سلاح في يدهم وهو المقاطعة في الأخذ والعطاء مع اليهود من أجل فروق تافهة مؤقتة ونسوا أن الضرر الذي يصيبهم من الأخذ والعطاء مع اليهود هو أعظم ألف مرة من ضرر هاتيك الفروق الزهيدة !!
.
.
.
.

المصدر : لماذا تأخر المسلمون ؟ ولماذا تقدم غيرهم ؟ لأمير البيان شكيب أرسلان رحمة الله تعالى

السبت، 22 يوليو 2017

رأس الحسين لم تدفن في مصر ومسجده لا يوجد به اي شيء يخص جسده الشريف رضي الله عنه ..

رأس الحسين لم تدفن في مصر ومسجده لا يوجد به اي شيء يخص جسده الشريف رضي الله عنه ..
.
في الصورة عوام وجهلاء وغلاة الصوفية وهم يكادون يعبدون رأس الحسين رضي الله عنه - من دون الله - والتي يزعمون أنها دفنت في مصر بزعمهم الكاذب وهذه فرية لا حقيقة ولا سند تارخي موثق يقويها بل أن كل المصادر المحترمة والمعتبرة كذبت هذا الزعم .
وكما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله :
( لم يحمل رأس الحسين إلى القاهرة فقد دفنت جثته حيث قتل، وروى البخارى فى تاريخه أن رأس الحسين حمل إلى المدينة ودفن فى البقيع عند قبر أمه فاطمة، وبعض العلماء يقول إنه حمل إلى دمشق ودفن بها . فبين مقتل الحسين وبناء القاهرة نحو مائتين وخمسين سنه، وقد بنى العبيديون ( الفاطميون ) مشهد الحسين فى أواخر سنة 550 هجرية، وانقرضت دولتهم بعد هذا البناء بنحو أربع عشرة سنة، وهذا مشهد الكذب ) .
وما يقوله ابن تيمية لا غبار عليه من الناحية التاريخية ،فلا علاقة للحسين بمصر فقد قتل فى العراق سنه 62 هجرية وفى ثورته تلك كان اهتمامه وأتباعه واعداؤه بين الحجاز والعراق والشام ، ولا مكان لمصر يومئذ ، حتى إن الدولة العبيدية الرافضية (الفاطمية ) حين انتقلت لمصر قوية متماسكة لم تفكر فى الحسين ولا فى رأسه وأغفلته تماما فيما شيدت من قصور ومساجد ، فقد أقامت مدينة كاملة هى القاهرة وجامعاً ضخماً – بدون ضريح - هو الأزهر وشيدت قصورا للخلافة والحاشية وخلت منشآتهم الأولى من أى مشهد علوى للحسين أو غيره.
ثم إذا ضعفت الدولة العبيدية " الفاطمية" وتحكم فيها الوزراء والخصيان وصار الخليفة (المعصوم) ألعوبة لا يستحق الاحترام - حينئذ اضطر العبيديون" الفاطميون لاكتساب ما فقدوه من تأييد فادعوا العثور على رأس الحسين بعد قتله بخمسة قرون دون أى سند من عقل أو منطق أوعلم، اللهم إلا خرافات التضليل الصوفية والشيعية التى أحاطوا بها ذلك المشهد المقدس والرأس المزعوم فيه.
الصوفية يكذبون في أمر راس الحسين ... فلا تصدقوهم .
ومن يذهب للمشهد الحسيني معتقدا فيه بقضاء الحاجات وإجابة الدعاء فهو كافر بإجماع الأئمة .
ومن يذهب لزيارته لمجرد الذهاب فهو يكثر سواد الباطل وأهله وهو يدخل في أحد ابواب الشرك بالله والكبائر من المعاصي لأن في تعظيم أماكن الشرك اعتقادا هو كفر وبهتان عظيم والصلاة في مسجده باطلة لا تجوز ومن صلى فيه صلاة وجب عليه إعادتها والإستغفار منها .
فلا يصح أن نكون مثل الشيعة الروافض ان خذلوه فقتلوه ثم اليوم هم يبكون ويأتون الخرافات على قتله ! .
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .
.
.
.
كتبه : محمد الفاتح .
المرجع :
تكسير الأحجار. مخطوط بدار الكتب ورقة 146 ،147
كتاب السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة .

السبت، 8 يوليو 2017

سيدي الغريب في مدينة السويس المصرية .

سيدي الغريب في مدينة السويس المصرية .
ضريح يكاد أن يعبده الكثير من صوفية السويس ومصر عموما !
حتى أن عوام الناس في السويس يسبق على لسانه عند وقوع مصيبة له أو ضيق أن يقول يا سيدي الغريب بدلا من قوله يا الله !
فما حقيقة هذا الضريح ؟ وما مدى توافق قصته مع العقل والمنطق والإيمان والإسلام ؟
ما يرويه أهل السويس عن مقام الغريب وحكايته الآتي :
يقولون أن اسمه الحقيقي ابو يوسف بن محمد بن يعقوب بن ابراهيم بن عماد .
ولما بحثت عن هذا الإسم في التاريخ والمراجع فلم أجد له أي ذكر أو اصل غير ان سبب تسميته عبد الله الغريب كما يقول مريديه أنه كان غريبا أو أنه من بلاد المغرب وانهم يطلقون على أي غريب كلمة عبد الله وكلنا عباد الله وهو تفسير غير منطقي وغير مقبول وأميل إلى أن الغريب قصة ليس لها اصل وابتكر الصوفية الإسم الفاطمي له ليوثقوا لوجوده في مصر!
لكن الرواية التي يرددها االصوفية وبعض المواقع التي ذكرت سيرته انه في عام 320هـ كان القرامطة يقطعون طريق الحجاج ويقتلوهم وينهبوا القوافل .
فأرسل الحاكم العبيدي عبد الله بن المهدي حملة عسكرية بقيدة هذا الرجل المسمى ابو يوسف بن محمد بن يعقوب أو كما يقولون عنه سيدي عبد الله الغريب ولما وصل إلى مدينة القلزم (السويس حاليا) خاض معركة مع القرامطة وقتل فيها وكان ذلك في يوم 17 ذي القعدة عام 320هـ ولم يذكر الراوي نتيجة المعركة النهائية !
ولما بحثنا في كتب التاريخ عن أصل هذه المعركة فلم نجد لها أي اثر !
وحين بحثنا عن قصة الغريب في مصر .. وجدنا أنه لا يوجد اي معلومة موثقة غير ما ذكرنا !
والملفت للنظر أيضا في الميل لعدم تصديق قصة معركة الشيخ الغريب مع القرامطة هو أن تاريخ المعركة كان عام 320هــ ودخول الفاطميين الشيعة مصر كان عام 358هــ أي بعد المعركة بـ 38 سنة كاملة !
فهل وصلت سرية الفاطميين من تونس إلى ليبيا ثم مرت بعرض مصر كلها مسافة 1000 كيلو متر طولي ولم يتعرض لها كافور الإخشيدي حاكم مصر وقتها (292 - 357 هـ / 905 - 968 م) وكان في عز قوته وقوة جيشه ؟! .
وهل مر الجيش كل هذه المسافة ولم يتعرض له الأهالي ولا قطاع الطرق ولا جيش الدولة ولم يصل خبره إلى الحاكم المصري الاخشيدي ؟!
وردا على من يدعي أنه ربما حاكم مصر هو من طلب المساعدة من الفاطميين نقول له : غير مقبول تاريخيا ولم يذكر ناهيكم على أن العداوة كان شديدة جدا بين الدولة الإخشيدية في مصر وبين الفاطميين الشيعة في بلاد المغرب الإسلامي .
المفيد في القصة إن كانت هذه الشخصية حقيقية هو أن هذا القائد قد أرسله الحاكم الشيعي الرافضي عبيد الله المهدي وبالتالي تكون الصدمة أن هذا الرجل هو أيضا عبيدي شيعي رافضي لأنه من غير المعقول ولا المقبول أن يرسل الحاكم العبيدي قائد لجيشه من أهل السنة أشد عدو للشيعة على مر التاريخ وحتى اليوم !
ويستشهد الاهالي بالشيخ حافظ سلامة أنه حدث عند تجديد ونقل الضريح لمكان جديد ان القائمين على العمل لم يجدوا جسد الشيخ الغريب عند الحفر لنقله .
وبعد ايام رأى الشيخ حافظ سلامة رؤيا يخبره فيها النبي صلى الله عليه وسلم بمكان جسد الشيخ الغريب .. فذهب الشيخ حافظ سلامة إلى العمال ودلهم على المكان الحقيقي لجسد الشيخ .. ولاحظوا وضع سيرة النبي على السلام في القصة حتى يخاف العوام من تكذيبها مخافة أن يمس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بسوء .
ولما بحثنا عن لقاء أو تسجيل للشيخ حافظ سلامة عن هذه الواقعة فلم نجد ولم نجد حتى من يحكي أن هذا الموقف حدث وقاله الشيخ حافظ سلامة .
وحسب علمي ان الشيخ حافظ سلامة كان سلفي المنهج ومن الصعب ان يؤيد فكرة الأضرحة وزيارة القبور والتبرك بها كما يفعل العامة والصوفية !
وقد خلصنا من هذه الروايات إلى نتيجة أن هذا الشيخ الغريب ليس له وجود ولا اصل ولا تاريخ يؤكد وجوده وأن رواية رؤيا الشيخ حافظ سلامة هي للتغطية على عدم وجود جثة الشيخ في القبر وأن القبر كان فارغا فابتكر الصوفية رواية الرؤيا !
وحتى ان افترضنا جدلا أنه موجود فإنه سيكون رجل شيعي رافضي عبيدي من قادة جيوش مؤسس الدولة الفاطمية الرافضية عبيد الله المهدي !
وبعد فإن مدينة السويس من المجحف لها أن نختصر تاريخها في ضريح الغريب وضريح الاربعين فقط وللاربعين قصة مضحكة وخرافية نحكيها لاحقا .
مدينة السويس من فجر التاريخ وهي تتحدى لاي غزو يدخل مصر من ناحيتها ويكفينا في التاريخ الحديث تصديها للعدوان الثلاثي عام 1956م وبعده هزيمة 1967م وبعده حرب 1973م ثم كانت هي مفجرة ثورة الغضب على النظام المصري في 2011م ومن قبله كانت شوكة في حلق كل نظام فهل من العدل ان نختصر هذا التاريخ العظيم في أن نقول سيدي الغريب وسيدي الأربعين هو كل ما نعرفه عن السويس .
لو أنصفنا لكتبت مجلدات كثيرة عن السويس وتاريخا وتضحياتها فاتقوا الله في تايخها واهلها .
.
.
مقال بقلم : محمد الفاتح .

الأربعاء، 28 يونيو 2017

الخميس، 4 مايو 2017

نداء التوحيد في قصر أمير وثني . الشيخ "باقر"... وممدوح اسماعيل !! .

في فجر القرن الثالث عشر الهجري كان في بلاد الهند رجلا هو مشروع شهيد كما قال عن نفسه .
هذا الرجل هو الشيخ الشهيد بإذن الله المجاهد العلامة أحمد بن محمد عرفان (6 صفر 1201 هـ/28 نوفمبر 1786م - 24 ذي القعدة 1246 هـ/6 مايو 1831م) مصلح مسلم بالهند..
جاهد في الهند حتى استشهد هو وجمع غفير من العلماء وطلبة العلم الشرفاء .
علماء وطلبة لا هم لهم إلا الامة كلها .
لا يفكر احدهم في نفسه ولا دائرته الصغيرة الضيقة بل كان جل تفكيرهم هو الامة الاسلامية كلها .
لذا ركبوا الصعاب وقاوموا الخرافات والجهل والبدع واختلاط أحكام وشرائع الاسلام بالهندوسية والسيخية حتى اصبح الاسلام مجرد شيء ظاهري في قلوب ومظاهر معتنقيه .
وللشيخ أحمد عرفان رحمه الله علاقة وثيقة بالاستاذ ممدوح اسماعيل .
ممدوح اسماعيل المحامي، الرجل، والسلفي المنهج وعضو مجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير المصرية وهو أول من اضاف كلمة "بما لا يخالف شرع الله " إلى قسم مجلس النواب وهو أول من رفع الأذان في مجلس النواب المصري على مر التاريخ .
وللتاريخ السابق علاقة دوما بالحاضر كما أن الاسلام في الماضي هو نفسه الاسلام في الحاضر ولن يتغير كما لن يتغير مخلصوه مهما مر بهم من كيد وأذى .
هل الاستاذ ممدوح اسماعيل على خطأ عندما رفع الاذان في مجلس الاوثان ..! عفوا في مجلس النواب ...؟! .
لنسمع القصة كما يرويها العلامة الشيخ الندوي رحمة الله وهي جزء من جهاد الشيخ أحمد عرفان رحمه الله فيقول الشيخ الندوي :
مر السيد احمد عرفان وركبه المجاهد في طريقه إلى أفغانستان بمدينة كواليار عاصة أكبر إمارة ، بعد إمارة حيدر آباد يحكمها مهاراجه دولت راؤ سندهيا .. أكبر أمراء "مرهته" وأعظم حاكم وثني تحت حماية الانجليز، ولهذه الاسرة تاريخ طويل حافل، في محاربة المسلمين ومناضلتهم تتخلله غزوات ومناوشات وهدنة وسلم، وقد راسله السيد عرفان، وراسل وزيره "هندوراؤ" يستحثهما على محاربة الاحتلال الانجليزي في الهند وأفغانستان، ويبين لهما خطر السرطان الانجليزي، وكيف استشرى فساده وسمه في جسم البلاد، وكيف استحوذ عليهما، وأفسد فيها وجعل أعزة أهلها أذلة، وأنه ما دام ، فلا مطمع في شرف، ولا بقاء لرئاسة، ولا ضمان لحرية، وكان ردهما على هذه الرسائل البليغة الحكيمة ردا لطيفا، ينم عن استجابة وفهم .
ولما وصل السيد عرفان إلى "كواليار" استقبله الوزراء و"هندو راؤ" استقبالا لائقا بالملوك والأمراء، والقادة والزعماء وأكرم وفادته، وأحسن مثواه، وضيفه وزملائه، الذين يبلغ عددهم نحو ألف مجاهد، ضيافة ملوكية، تجمع بين أنواع الاطعمة اللذيذة الشهية، وأكثر وأطاب، وتواضع له، وصب الماء على يده، ورفع منزلته، ورق له في الحديث، وأكثر من الهدايا الغالية الفاخرة، والتحف النفيسة الطريفة من أنواع القماش وعقود من مرواريد وهو نوع من الؤلؤ .
ودعاه مهراجه دولت "راؤ سندهيا" إلى قصره، واستقبله استقبالا رائعا، وجلسا يتحدثان في حرية وأنس، وتبرك مهاراجه بوجوده وطلب منه نظره، وباخلاصه، وتوكله على الله، وطلب منه أن يقيم عنده سنة كاملة حتى يقضي وطره من ضيافته وإكرامه، فاعتذر السيد عرفان، فسأله أن يمكث حتى يجهز جيشه، ويصلح سلاحه وعتاده وكان في طريقه للجهاد في سبيل الله .
فاعتذر السيد كذلك فإن السفر بعيد والطريق طويل، والرفاق كثير والمقصد عظيم يتطلب سرعة الوصول .
وبينما كانا يتحدثان جالسين في ناحية، في غرفة من غرف القصر المللوكي الشامخ .. قصر الملك الوثني ! ... إذ دخل وقت صلاة العصر، فقام مؤذن الجماعة الشيخ "باقر" على غير محتفل بالقصر وصاحبه، ووجود كبار الأمراء والوزراء، وقادة الجيش، وكلهم وثنيون، فنادى بأعلى صوته ( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، اشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخر الاذان ..!!
وساد السكوت على القصر، واهتز المكان وارتج .
فوجيء أهل القصر بهذا الصوت الغريب الذي لم يسمعوه في هذا القصر منذ بني، على كثرة من يزوره من المشايخ والعلماء، وأمراء المسلمين وقادتهم، وبقوا خاشعين أمامه برهة، ثم افاقوا، وأمروا بتهيئة الوضوء وإحضار الماء والاباريق، وحضر السقاؤن فقدموا الماء، والأباريق، وتوضأ من لم يكن على وضوء، واصطف المجاهدون، وتقدم السيد فأم الناس وصلى بهم صلاة السفر ركعتين ووقف الناس ينظرون إليهم في إجلال وإكبار، وفي عجب وإعجاب، وأميرات القصر ينظرن من وراء حجاب، والملكة تنظر من وراء الستر الذي علق بينهما وبين مجلس المهراجه، وكلهم يتعجبون من قوة إيمان هؤلاء المؤمنين الفقراء، وخشوعهم أمام ربهم، وشدة محافظتهم على فرائضهم، وقلة احتفالهم بالمظاهر واسباب الزينة والعظمة .
الاذان في القصر الوثني عمل أثنى عليه جميع علماء الأمة ومؤرخيها ومجاهديها .
وهذا عكس ما حدث في مجلس النواب المصري حين قام الرجل الشجاع صاحب الموقف الجديد في الحق ورفع كلمة الحق : الله أكبر الله أكبر وهو ما قوبل باستهجان واستنكار من الجميع .
ويا للعجب أن يتفق على استهجان الفعل كل من كان في المجلس من نصارى ومرتدين وعلمانيين وليبراليين ومنسلخين واضف لهم الاخوان والسلفيين ايضا وحتى رئيس المجلس المسلم استهجن فعل الأذان هو واتباعه ، وفي خارج المجلس كان الاستهجان من العامة والخاصة ، بعكس ما حدث في قصر المشركين الذين قبلوا الأذان في قصرهم .
ويا عجب العجاب من استهجان رفع الأذان في مجلس النواب !
ممدوح اسماعيل لم يكن يقصد اقامة الصلاة فحسب، وكان يكفيه أن يصليها قصرا أو جمع تقديم أو تأخير على حسب الحالة، وكان يكفيه أن يخرج ويصلي ثم يعود وهو أمر يسير وخصوصا في أوقات الراحة المعلومة في مجلسهم ، لكن الرجل وهذا ظني به ، كان يريد شيئا آخر، كان يريد أن يعلن أن مصر إسلامية ظاهرا وباطنا.
كان يريد أن يعلنها لنصارى مصر والعالم وللعدو القابع على الحدود في فلسطين المحتلة .
كان يريد أن يرفع راية لا إله إلا الله واذان الحق "الله أكبر الله أكبر"
فعلها الشيخ باقر المجاهد مع الشهيد بإذن الله الشيخ أحمد عرفان رحمه الله في القصر الوثني.
وفعلها ممدوح اسماعيل في عصرنا ونال شرف ان يكرر ما فعله الشهيد بإذن الله المؤذن الشيخ "باقر" مؤذن الجهاد والابطال .
رحم الله الشيخ "باقر" الشهيد بإذن ربه .
ورحم الله أخونا الشيخ ممدوح اسماعيل صاحب راية الله أكبر الله أكبر والتي ستظل علامة له ولشخصه سوف يسجلها له التاريخ، لكن لن تسجل اليوم بحبر الهزائم، بل سوف تسجل غدا بحبر المنتصر الظافر ... حبر كتبت به من قبل كلمة الله أكبر الله أكبر .. من أحمد عرفان وباقر وزنكي وصلاح الدين وقطز وبيبرس ومحمد الفاتح والقانوني .
الله أكبر .. الله أكبر .
.
.
مقال بقلم : محمد الفاتح .
المرجع : كتاب "إذاهبت ريح الايمان" تأليف الشيخ ابو الحسن الندوي صــ 58 .