الخميس، 16 أبريل 2015

هل تعود السينما من جديد؟! إبراهيم بن محمد الحقيل

هل تعود السينما من جديد؟!
إبراهيم بن محمد الحقيل
  تشهد المملكة في السنوات الأخيرة نشاطا ليبراليا محموما.. يرى أصحابه أن هذه المرحلة هي مرحلتهم؛ وذلك لتوافر الظروف الدولية والإقليمية والمحلية الملائمة لفرض فكرهم، ويبدو أن أصحاب هذا التوجه المنحرف لن يفوتوا هذه الفرصة الذهبية التي يرون أنها ربما لا تسنح لهم مرة أخرى كما هي عليه الآن.. تمثل ذلك في سياسة فرض الأمر الواقع بتمرير عدد من القرارات التغريبية للمجتمع، مع حملة شعواء تستخدم فيها كافة الأساليب غير الأخلاقية بالطريقة المكيافيلية على كل من يقاوم مشروعاتهم الإجرامية في إفساد الناس أو ينتقدها، وقد تآزر معهم في حملتهم الهوجاء أصحاب الطوائف البدعية الأخرى -لتقاطع مصالحهم معهم- من رافضة اثني عشرية وزيدية وإسماعيلية وصوفية، وأعانهم أصحاب الاتجاهات العصرانية لضرب هذه البلاد المباركة في عمقها الاستراتيجي، وتقويض الدعائم التي قامت عليها؛ بقصد إضعافها وتركيعها داخلياً، وفرض الإملاءات الخارجية عليها، تلك التي تصب في مصلحة هذه الأقليات الناقمة على منهج هذه البلاد، الحاقدة على من يمثلون هذا المنهج أو يدافعون عنه، وقد بان أنهم في سبيل تحقيق خططهم يعملون في خطين متوازيين:
 الأول: فرض الفساد العقدي والفكري والأخلاقي بكافة الوسائل تحت شعارات الحرية والإنسانية وقبول الآخر وتحرير المرأة والانفتاح والتعايش والتيسير وغير ذلك، بدعم أجنبي مما يسمى بالمنظمات الحقوقية، ومن الدول المتسلطة.
 الثاني: الطعن في المؤسسات الشرعية ومن يمثلها ومن يحميها كالقضاء والهيئات والمساجد والدعوة والإغاثة وتحفيظ القرآن، وكافة المشاريع الدعوية، وتشويه سمعتها، وتأليب الدولة والعامة عليها.
 وكان الإعلام الداخلي والخارجي بفضائياته وصحفه أمضى سلاح استخدموه ومرروا به كثيرا من مشروعاتهم.. خدعوا به العامة بما يدعونه إصلاحاً، وألبوهم على أهل العلم والدعوة، الناصحين لأمتهم، الصادقين في انتمائهم، منتهكين في إعلامهم الأنظمة الصادرة في السياسة الإعلامية للمملكة التي تُعَد دستورها في هذا المجال.
 وإحياء السينما من جديد هو مشروع واحد من عشرات المشروعات التي يريدون تنفيذها والوصول إليها لإغراق هذه البلاد المباركة في مستنقعات الرذيلة والانحلال، وهذا المشروع لو تحقق لهم فإنه سيلد مشروعات كثيرة خطيرة تفقد هذه البلاد خصوصيتها، وتسلبها ما امتازت به عن غيرها من البلاد الإسلامية التي انتشرت فيها مظاهر الانحلال الأخلاقي، ومجاهرة الفساق فيها بفسقهم.        
شيء من تاريخ السينما:
من يراجع الكتب التي أرخت لصناعة السينما سواء الأجنبية منها أو العربية يجد اضطرابا كبيرا في أوليتها، ورصد تدرجها، وسبب ذلك أن تحريك الصور الثابتة مرَّ بأطوار وتجارب كثيرة سجل بعضها وأهمل بعضها الآخر، وهذا سرد تاريخي بأهم التطورات في عالم السينما:
أولاً: السينما العالمية:([1])
- أشهر المحاولات المُبَكِّرة في هذا الصدد محاولة المصور الإنجليزي الأصل إدوارد ماي بردج في عامي 1877م و1878م، بتقديم مجموعة من الصور لحصان يجري.
- قدَّم المخترع الأمريكي المشهور أديسون جهازا عرضت فيه الصور المتحركة عام 1893م.
-في عام 1903م  قدَّم إدوين بورتر فيلما روائيا(سرقةالقطار الكبرى) مدتُهُ (11دقيقة) أخرجه دي دبليو جريفيث، ويعد أول عمل روائي في تاريخ السينما([2]).
- قبل نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، كانت بعض الشركات المنتجة قد أقامت لنفسها عددًا من أماكن التصوير(الاستديوهات) حول منطقة هوليوود في لوس أنجلوس التي صارت بعد ذلك أكبر مصنع للسينما في العالم.
- في عام 1927م عرض أول فيلم ناطق وهو (مغني الجاز) الذي تم فيه تحقيق التزامن بين الشريط السينمائي وأسطوانة الصوت المسجلة.
- في عام 1929م، أصبحت عملية تسجيل الصوت على شريط الصورة عملية شائعة، وبه انتهت السينما الصامتة.([3])
- في الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي تراجعت صناعة السينما بسبب انتشار أجهزة التلفزة في أمريكا فانخفض إنتاج هوليوود من )550(فيلمًا في العام قبلالحرب العالمية إلى )250(فيلمًا في الخمسينيات من القرن العشرين، لكن بقيت السينما ولم تنته بالتلفزيون.
- في أوائل السبعينيات ابتدأت دور العرض السينمائية الغربية  بعرض الأفلام الإباحية ابتداء من السويد ففرنسا فإيطاليا فأمريكا([4])  
ثانياً: السينما المصرية:([5])
- أول بلد مسلم عرف السينما هي مصر، وكان عرض السينما فيها بعد أشهر فقط من عرضها في فرنسا، وأول عرض للصور المتحركة للجمهور في القاهرة كان يوم السبت 28 نوفمبر سنة 1896م، والأجانب من الفرنسيين والإنجليز والإيطاليين وغيرهم هم من جلب السينما لمصر، وهم أول من عرض أفلامها.
 - من عام 1908 إلى عام 1917م زادت عدد دور العرض السينمائية في مصر من عشر إلى ثمانين.
- في عام 1918مأسس مجموعة من الإيطاليين(الشركة السينمائية المصرية) فأنتجت فيلم(الزهور القاتلة) وكان يتضمن آيات قرآنية علقت على الحائط بشكل مقلوب.([6])
- في عام 1919م اكتشف الأجانب عزوف المصريين عن أفلامهم المستوردة أو المنتجة محليا بخبرات أجنبية فلجئوا إلى إشراك المصريين في أفلامهم لترغيب الناس فيها فنجحوا.
- في عام 1923م صدرت مجلة الصور المتحركة في مصر وهي أول مجلة متخصصة في السينما المصرية والأجنبية، وفي عام 1927م أسست غرفة لصناعة السينما في مصر.
- في عام1925أنشأ بنك مصر شركة مصر للتمثيل والسينما، وازدهرت صناعة السينما بعدها، وفي عام 1933م أرسلت شركة مصر للتمثيل والسينما أولى بعثاتها للخارج للدراسة في باريس وبرلين، وأنشأت هذه الشركة ستوديو مصر الذي افتتح عام 1935م، وعدوا ذلك أكبر منجز للسينما في مصر.([7])
- عقب الحرب العالمية الثانية كان في مصر مئة شركة إنتاج سينمائي، ثم ازدهرت صناعة السينما في العقود اللاحقة وأنتجت مصر مئات الأفلام، وفي السنوات الأخيرة يزداد الإنتاج المصري للأفلام ففي عام 2006م أنتجت مصر أربعين فيلما، وأربعين أيضاً في عام 2007م، وزاد العدد في 2008م إلى ثلاثة وخمسين فيلما.
- يقول الناقد السينمائي الفرنسي كلود ميشيل:«إن علاقة مصر بالسينما تذكر كثيرا بعلاقتها بالتأثير الذي مارسته عليها التكنولوجيا المعاصرة، والإيديولوجيا والثقافة الأوربية»([8])
ثالثاً: السينما في السعودية:
 ألف خالد ربيع السيد كتابا عن السينما في السعودية بعنوان «الفانوس السحري: قراءات في السينما»([9]) ذكر فيه أن السفارات الأجنبية في المملكة كانت أول من فتح أبوابها للسعوديين لمشاهدة السينما في السبعينيات الميلادية، وأنه كان من مرتادي السفارة النيجيرية والسفارة الإيطالية لمشاهدة الأفلام السينمائية التي تعرض فيها. وأنشئت دور عرض سينمائية في جدة باسم «باب شريف» وسينما «أبو صفية» في حي الهنداوية، وفي الطائف سينما نادي «عكاظ» الرياضي وسينما «الششة»،ويذكر في كتابه أن السينما السعودية خطت أولى خطواتها في عام 1977 ميلادية؛ إذ تم إنتاج أول فيلم سعودي بعنوان «اغتيال مدينة»وعُرض في مهرجان القاهرة السينمائي وحاز على جائزة «نيفرتيتي الذهبية» لأحسن فيلم قصير.
ثم ذكر أنه في فترة الثمانينات اغتيلت أحلام السينما السعودية بفعل التغيرات الدينية والاجتماعية للسعودية التي شهدت موجة عارمة من التدين، وتم إقفال دور العرض السينمائية في كل مدن المملكة وأقفلت السفارات التي كانت تعرض السينما أبوابها.
 قلت: وذكر لي بعضهم أنه في هذه الحقبة كانت بعض الأندية الرياضية تعرض في مقراتها أفلاماً سينمائية عند الفوز، تستميل بها الجمهور الرياضي  ليشجع أنديتهم.
- في هذا العام 1430عادت الدعوة للسينما جذعة، واستمات الليبراليون في فرضها واقعاً على الناس، وأنتجت شبكة روتانا فيلماً سعودياً بعنوان(مناحي) عرض في جدة، ومن المحتمل أن يعرض في الرياض خلال الأيام القادمة.   
 والقارئ لتاريخ السينما العالمية والعربية في مصادرها المختلفة لا بد أن يلحظ ثلاث ملاحظات مهمة:
 الملاحظة الأولى: أن السينما نشأت أجنبية الفكر والمشرب والتنفيذ، وأنها لم تكن في يوم من الأيام محايدة، أو أداة للتسلية، أو للربح فقط، وإنما هي تبث رسائل فكرية محددة تستلب عقول مشاهديها بالإثارة والتشويق.
 وسيطرة اليهود في هوليوود -أكبر منتج للسينما في العالم- ليست تخفى على أحد، وصالات العرض السينمائية في شتى أنحاء الأرض تستورد أفلامها من هوليوود. وقد صدرت عشرات الدراسات عن هوليوود ونجومها ومخرجي أفلامها، وتمويل اليهود لها، وسيطرتهم عليها، يقول بن جوريون وهويفتخر:«إنني أدعم العمل السينمائي»([10]) وكان بيجن يستقبل بعض صناع السينما وبعض النجوم العالميين([11]). وهذا يدل على عناية قادة اليهود بهؤلاء النجوم؛ لأنهم يخدمون توجهاتهم سواء شعروا بذلك أم لم يشعروا.
 يقول الروسي كاراغانوف:«إن الهوليوود يقدم للجمهور ما يريد تقديمه، ويرفض وصاية الجمهور عليه، ليس الهوليوود بحاجة إلى جمهور لأنه يصنع جمهوره بنفسه» ([12]).
 ويقول السينمائي السوري صلاح دهني: «إن الأفلام التي نراها تمثل دون أدنى شك هيمنة غربية على الصالات السينمائية...»وذكر أنه كان يعرض في سوريا عام 1966م 300 فيلم 95% منها أمريكية([13]).
 الملاحظة الثانية: أن السينما المصرية -التي هي أول سينما عربية- نشأت أجنبية، وأكثر من أسسوها ونفذوها هم من اليهود والنصارى، وكانوا يغيرون أسماءهم عند الحاجة إلى ذلك، وكان رأس المال اليهودي حاضرا فيها بشكل كبير، وتوجد دراسات  تتبعت نفاذ اليهود للسينما المصرية من أول نشأتها ([14])، وكان من أشهر المؤثرين في السينما المصرية إبان نشأتها وتطورها عدد كبير من اليهود منهم: توجو مزراحي وإلياس مؤدب وبدر لاما وبهيجة المهدي وراقية إبراهيم وزكي الفيومي وسامية رشدي وسلامة إلياس وكاميليا وشالوم وعباس رحمي وصالحة قاضين وفيفي يوسف ونجمة إبراهيم ونجوي سالم  ويوسف ساسون ووداد عرفي، وغيرهم. وقد سيطرت عائلات يهودية على صناعة السينما وأدواتها مثل عائلات: منشة وموصيري ويوسف قطاوي وسوارس ومزراحي وأسمالون وشيكوريل وعدس وساسون.
 حتى إن مجلة صباح المصرية تذمرت من السيطرة الأجنبية على السينما المصرية، وغرسها لأفكار وأخلاق معينة فكتبت في افتتاحيتها تحت عنوان «الأجانب والسينما في مصر»: «لقد كنا إلى آخر لحظة نحسن الظن أو نحاول أن نحسن الظن بجماعة الأجانب الذين يحترفون السينما في مصر....وطالما أغمضنا أعيننا عن كثير من الجرائم التي يرتكبونها ويعتدون فيها على كرامة المصري ....أهملوا اللغة العربية وهي لغة السواد الأعظم من أبناء البلاد...»([15])
وفي عام1940 شن الرسام الناقد كامل التلمساني حملة قوية على وضع السينما ومضامينها، وكتب المقالات المنتقدة لها في مجلة(التطور) وهاجم نظرية (الفن للفن) وهو أول من استخدم تعبير (سينما المخدرات) لما فيها من مضامين الفساد.([16]).
وتذكر الفنانة الجزائرية التي تابت خديجة المداح، وعُرفت عند أهل الهوى والضلال بـ(هدى الجزائرية) أنها عملت مع امرأة يهودية، تقول:«فما كان منها إلا أن أوفدتني للعمل في باريس مُهرِّجة مع يهودي وآخر فرنسي، كان دوري يتلخص في ارتداء الزي الجزائري والسخرية منه ليضحك الجمهور الفرنسي..وفي باريس تعرفتُ على ليلى الجزائرية التي كانت تعمل مع فريد الأطرش، فرشحتني للعمل راقصة، وكنت في كل يوم أقترب كثيراً من حياة الضلال»([17])
 وخصص الناقد السينمائي الفرنسي غي هاينبيل فصلا من كتابه (خمسة عشر عاما من السينما العالمية) درس فيه السينما العربية وحلل واقعها بين عامي 1960-1975 ذكر فيه الدور الإمبريالي في السينما العربية وسيطرة شركات الإنتاج والتوزيع الهوليوودية الأمريكية في العالم بما فيها السينما العربية.([18])
وتحدث أحمد هيكل عن فترة الأربعينيات فقالوقد شهدت تلك الفترة تحولا خطيرا في الحياة الفكرية، وقد تمثل هذا التحول في تغلب التيار الفكري المتجه إلى الغرب والمستدبر للشرق....واتخاذ الغرب مثلا أعلى ....وكان من أهم تفوق هذا الاتجاه ازدياد الاتصال بالغرب في المجال الفكري بسبب عودة طائفة من الدارسين في أوربا إلى مصر.... » ثم يذكر أنه في تلك الفترة قويت دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة وتبناها العديد من المفكرين والمثقفين..
ويقول الناقد السينمائي الأردني حسان أبو غنيمةكانت الأفلام الواردة من خارج الوطن العربي والعالم الإسلامي والأفلام المصنوعة داخل الوطن العربي والعالم الإسلامي تتقاسم قتل المشاهد فكريا وأخلاقيا بصورة تبعث على الدهشة، وكأنما كان هناك نوع من التلذذ بعملية هذا القتل البطيء والمستمر دونما هوادة... ».ثم يذكر أن أي دراسة سيسيولوجية لتأثير ما أنتجته السينما تظهر بجلاء أنها لعبت دورا كبيرا في تخريب الكثير من القيم الإنسانية، وفي تشويه العقل العربي الخام، ودفعه في اتجاه البحث عن قيم غربية بعيدة عن تقاليده وقيمه([19]).
الملاحظة الثالثة: اقتحام العناصر النسائية أو إقحامها في السينما أول نشأتها في مصر إنتاجاً وتمثيلا؛ فأسست عزيزة أمير أول شركة مصرية لها باسم إيزيس فيلم، وخرج فيلمها الأول باسم ليلى في موسم (1927- 1928م) وفيلمها هذا يعده المؤرخون للسينما أول فيلم مصري حقيقي. في أعقاب هذا الفيلم خرج فيلم زينب الذي اشتركت فيه  بهيجة حافظ التي أسست فيما بعد شركة سينمائية باسم فنار فيلم. ثم قامت آسيا داغر وأنشأت شركة سينمائية باسم لوتس فيلم وقدمت فيلم غادة الصحراء. ثم جاء دور فاطمة رشدي فأسست شركة سينمائية([20]).
 يقول محمد السيد شوشةلقد اقترن الإنتاج السينمائي في البداية بأسماء ست سيدات مصريات كن الرائدات...عزيزة أمير صاحبة فيلم(ليلى) وفردوس حسن فيلم (سعاد الغجرية) وآسيا فيلم (غادة الصحراء) وبهيجة حافظ بفيلم (الضحايا) وفاطمة رشدي بفيلم (الزواج) وأمينة محمد بفيلم (تيتاوونج)([21])
وإقحام المرأة في عالم السينما منذ بدايتها إخراجاً وتمثيلا، وخلطها بالرجال؛ أثمر ثقافة العري والتخلع والغرام المحرم والإسفاف المخجل في الأفلام المصرية التي غزت العالم العربي فنشرت هذه الثقافة الفاسدة فيه.
زرع القيم والأفكار بالسينما:
 كانت السينما من أقوى الأسلحة الفكرية التي نفذت إلى عقل مشاهديها بسهولة لتؤثر فيهم، وتصوغ أفكارهم؛ ولذا اعتنى بها اليهود، وكان الشيوعيون يعلمون خطرها وتأثيرها على الأفكار حتى قال الزعيم الشيوعي لينين عام 1907: «تعتبر السينما من بين جميع الفنون أهمها بالنسبة لنا»([22]).
 وقد خاف لينين من تأثير السينما الأمريكية والأوربية على الشعوب الشيوعية، وخشي من إقناعها لهم بالأفكار الليبرالية الرأسمالية فتتحول عن الاشتراكية، وفي هذا يقول لينين: «تسيطر على الفن السينمائي حتى هذه الساعة أيدٍ تجارية قذرة، وتقدم للمشاهدين أفلاما سيئة أكثر مما هي مفيدة، ففي الكثير من الأحيان يفسد الفن السينمائي المشاهدين بأفلام سيئة المضمون».([23])وهذا ما دعا الكاتب الروسي كاراغانوف أن يؤلف كتابه: الفن السينمائي وصراع الأفكار.
 وتأثير السينما على المعتقدات والأفكار، وصياغتها للعقول لا ينفيه صانعوها والمروجون لها والمالكون لأكبر إنتاجها، بل يثبتون ذلك، وكذب من زعم من بني قومنا أنها لمجرد الترفيه والتسلية، وأن من يحاربونها يتهمون غيرهم على غير هدى،  فهذا المخترع المشهور توماس إديسون وهو ممن طور آليات السينما يقول: «من يسيطر على السينما يسيطر على أقوى وسيلة للتأثير في الشعب..» ([24])ويقول مؤرخ الفنون الأمريكي أورين بانوفسكيإن السينما سواء أحببنا أم لم نحب هي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء والأذواق واللغة والزي والسلوك بل حتى المظهر البدني لجمهور يضم أكثر من ستين بالمئة من سكان الأرض».([25]) حتى قيل: السينما أفيون الشعوب([26]).
 ويقول وليسونليست وظيفة السينما أن تزودنا بمعرفة للعالم فحسب وإنما تخلق أيضا القيم التي نعيش بها»([27]).
ويقول محمد كريم في مذكراته عن فتنة الناس بالسينما في مصروإذا كان الصباح ملك المدرسة ودروسها فإن بعد الظهر كان ملك الأصحاب.....كانت تسليتهم الكبرى الذهاب إلى السينما توغراف..»([28]).
الإفساد والاستلاب:
 لقد كان كبار السينمائيين في البلاد العربية -وخاصة في مصر محضن السينما العربية- من غير المسلمين، وينفذون إلى عقول المسلمين عبر السينما، ومنهم من غيروا أسماءهم وديانتهم لما اقتضى الأمر ذلك، وكانوا وكلاء للأجانب في العبث بعقول الناس، وصرفهم عن دينهم، وإفساد أخلاقهم، والكلام عنهم يطول.. لكن سأذكر مثالاً واحداً أسلط الضوء عليه، وهو من خلع عليه الإعلام المضلل جملة من الألقاب، وحظي بجوائز عربية وعالمية كثيرة على إفساده، وهو أشهر مخرج سينمائي عُمِّر في مصر طويلا؛ إذ مات عن ثنتين وثمانين سنة، قضى منها ستين سنة في السينما وإفساد الناس بها، وهو النصراني يوسف شاهين الذي يعدونه خاتمة المخرجين الكبار، وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996م اختار سينمائيون مصريون يوسف شاهينأفضل مخرج مصري في القرن كله.
كانت الأفلام التي يخرجها تمنع في البلاد العربية في أول الأمر لما كانت ذائقة العرب صحيحة، وأخلاقهم مستقيمة، فتعرضها فرنسا في قنواتها وهي التي كانت تمولها ([29] فما مصلحة فرنسا من تمويل أفلام عربية ثم عرضها في شاشاتها؟!
أخرج يوسف شاهين فيلم(القاهرة منورة بأهلها) بأموال فرنسية، وعرضه في مهرجان (كان) وأعَجَبَ  الفرنسيين لطعنه في المصريين وتصويرهم فيه بأنهم شعب شهواني رخيص متوحش يأكل بعضه بعضاً، وأظهر فيه الشباب المصري شواذَّ يبيعون أنفسهم للأجانب، ونقل فيه الصورة من صلاة الجمعة، وأكوام الأحذية عند باب الجامع إلى جسم راقصة في مرقص، وأظهر في فيلمه الأقباط متحضرين وغير راضين عن هذه الأوضاع في مصر، حتى قال أحد النقاد السينمائيين:«لقد جمع يوسف شاهين كل البيض الفاسد في سلة واحدة» وذكر أنه صور المصريين كما أرادهم الفرنسيون([30]).
وعلى هذا الفيلم القبيح كافأه وزير الثقافة الفرنسي اليهودي (جاك لانج) فكلفه بإخراج مسرحية(كاليجولا) لأعرق مسرح في فرنسا -على رغم أنوف كل المسرحيين الفرنسيين-  وهو لم يقف من قبل على خشبة المسرح لا مخرجاً ولا ممثلاً، ثم أعطاه اعتماداً مفتوحاً لإنتاج فيلم (شامبليون) ([31])
 وصنع فيلم (المهاجر) عن قصة يوسف عليه السلام فشوهها أعظم تشويه، حتى قال عنه بعض النقاد السينمائيين:«فيلم المهاجر سابقة غير أخلاقية في التجرؤ على سير الأنبياء والرسل» وعدوها دعوة صهيونية في فيلم سينمائي، ونعتته الناقدة المسرحية سناء فتح الله فقالت:«الخواجا يوسف شاهين». ([32])
 وهو من دعاة الفرعونية، ويرى أن مصر ليست إسلامية، وهو وإن كان نصرانياً علمانياً أو متديناً كما يقول البعض؛ فإنه خدم اليهود في هوليوود وشارك المخرجين اليهود في تلميع صورتهم والدفاع عنهم، وساعد في إخراج أفلام تتبنى فكرة المحرقة اليهودية (الهولوكست) ومنها مشاركته المخرج العالمي اليهودي رومان بولانسكي ومساعدته في إخراج فيلم «The Pianist» عن قصة عازف بيانو يهودي يهرب من المحرقة، وأخرج فيلم (اسكندرية ليه) الذي هو حلقة من سيرته الذاتية، ولا يعدو أن يكون الفيلم دعوة للتطبيع مع اليهود، حتى اتهمه بعض النقاد بأنه يهودي أو مستأجر من اليهود، وقد صرح بكراهيته للحجاب والأذان، وكان يقاوم الأذان بتشغيل الموسيقى الصاخبة.
 هذا شيء من فساد وإفساد النصراني جوزيف شاهين الذي هلك في رجب من العام الماضي، وناح عليه الإعلام العربي الفاسد بصحفه وفضائياته، وجعله من كبار المصلحين، وصدق الله العظيم حين قال في المنافقين [وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ] {البقرة:11-12}.
 ولا يختلف كثير من السينمائيين عنه فهم ينفذون ما يريده أعداء الأمة منهم شعروا بذلك أم لم يشعروا، فالمخرج اللبناني مارون بغدادي مولته فرنسا في فيلمه(خارج الحياة) الذي صور  فيه اللبنانيين وحوشاً كاسرة همجية، بينما الآدمي الوحيد هو الرهينة الفرنسي الذي اختطف وعذب بوحشية. ([33])  
وفي تونس كان المخرجان: نوري بو زيد، وفريد بو غدير يخرجان الأفلام التي تقدح في مجتمعاتهم وتطعن في قيمهم بتمويل فرنسي يهودي ([34]).
ولما سُئل المخرج التونسي أحمد الجميعي -وهو مقيم في فرنسا- عن رأيه في تلك الأفلام الممولة فرنسياً، المشوهة لبلاد المسلمين، المملوءة بإيحاءات الجنس والشذوذ قال:«إن الفرنسيين يفرضون نوعيات معينة من الموضوعات ويمولونها ويهللون لمخرجيها »([35]) 
تهوين غير مقبول:
حول محاولة إعادة السينما من جديد للمملكة وقد عوفيت منها، ومقاومتها من جلّ المشايخ والدعاة وطلبة العلم، والاحتساب على أهلها والداعين إليها، قال فضيلة الشيخ الداعية سلمان العودة سدده الله تعالى:«إن شاشة السينما أصبحت قائمة الآن في كل بيت، وإن شئت قل في كل غرفة توجد شاشة عرض سينمائية، لا تعرض فيلمًا واحدًا أو مادة جديدة فقط، وإنما تعرض العديد من الأفلام أو البرامج ... وأشار إلى أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية بحاجة إلى الانتقال من سياسة المنع إلى ثقافة المناعة... ثم تساءل: ما الفرق إذن بين السينما، وبين الشاشة، أو بين التلفاز ذاته؟!!... موضحاً أن المسألة من وجهة نظره تتعلق بأمرين: وذكر المحتوى المعروض وهو يتمنى أن يكون تربوياً ونظيفاً، ثم أشار إلى ضرورة الضوابط.
 ثم قال: ولذا فإن علينا أن ندرك أننا عندما نأخذ بمبدأ المنع والرفض المطلق، فإن هذا الجدار المانع الرافض قد ينهدم بلحظة أو بأخرى، وفي الوقت ذاته يبقى الناس -لأنهم منطلقون من دائرة الرفض والمنع والتخوف- بعيدين عنه، وبالتالي لا تكون هناك مشاركة إيجابية» اهـ كلامه سدده الله تعالى ووفقه.
 وهذا الكلام من فضيلة الشيخ فيه من التهوين والتسويغ للسينما ما لا يخفى، كما أنه يفت في عضد المنكرين لها، المحتسبين على أهلها، ويقوي أهل الباطل عليهم، وأظن أن هذا التبسيط المخل للموضوع نابع من عدم إدراكٍ حقيقي للفرق بين عرض الأفلام في صالة السينما وبين عرضه في شبكات التلفزة؛ إذ سوّى الشيخ بينهما، على أن انتشار التلفزة والفضائيات في أكثر البيوت لا يدل على رضا الممانعين بها، وإذا كانت الفضائيات قد تجاوزت في اختراقها للبيوت ممانعتهم سابقاً فعلى الأقل هم سجلوا مواقفهم الرافضة لهذا المنكر؛ براءة للذمة، وإعذارا للأمة، وفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى المشهورة شاهدة على ذلك.
وفي ظني أن الشيخ سلمان حفظه الله تعالى قد أخطأ حين حجر الدعاة أمام المنكرات ليضعهم بين طريقين لا ثالث لهما: إما المشاركة في المنكر وعدم رفضه ومحاولة تعديله، وإما القدرة على منعه كما هو مؤدى كلامه..ولا سيما أنه  يعلم أن السينما منذ صنعت إلى يومنا هذا وهي مرتع الرذائل، ومستنقع الفواحش، وأن من حاولوا تحويلها عن مرادها لتحمل أفكاراً تنفع الناس من الوطنيين والقوميين والإسلاميين قد فشلوا فشلا ذريعاً؛ لأن القائمين عليها والممولين لها في العالم لا يريدون ذلك؛ ولأنها لا تنجح إلا بالإثارة والإغراء، والذي لا تقيده قيود الشريعة سيكون أكثر إثارة وسيطرة على الجمهور من المقيد بقيود الشريعة، وسأذكر لاحقاً بعض النقول عن جملة من أهل الوسط الفني تدل على ذلك.
إن محاولات التهوين من مشروعات المفسدين، ومنها الدعوة لإحياء السينما في بلاد عوفيت منها، وادعاء أن السينما ولجت كل منزل وغرفة عبر الشاشة يدل على عدم إدراك تأثير السينما وما تختلف فيه عن شبكات التلفزة ولو كانت الثانية تعرض الأفلام بعد عرضها في الأولى، وبيان ذلك من ثلاثة أوجه:
 الوجه الأول: أن في إنشاء صالات للسينما وعرض الأفلام المحرمة فيها، واجتماع الناس عليها، مع ما يصاحبها من الدعاية في الشوارع مجاهرة بالمنكر، ودعوة إليه، وتهوين وقعه على القلوب، بخلاف من استتر في بيته فلا يعلم الناس ما يشاهد. بل إن فيها تجرئة العامة على المنكرات واستساغتها؛ لأن الناس يعلمون أن رواد السينما يشاهدون الأفلام المعروضة فيها، ومحتواها معلوم من الدعاية لها، وكان أكثر الناس -ولا يزالون- يزعمون أن الفضائيات التي في بيوتهم هي لأجل الأخبار أو الرياضة، ويتبرؤون من مشاهدة ما فيها من رقص خليع وأفلام ماجنة ولو كانوا يشاهدونها، ومعلوم أن المجاهرة بالمنكر شر من الاستتار به. وبقاء الناس مقارفين لبعض آثام النظر وهم يستخفون بها، ويخجلون من غيرهم أن يعلموا عنهم خير من كسر هذا الحاجز، وتجرئتهم على المنكرات، ومن شاهد أحوال البلاد التي انتشرت فيها السينما يعلم معنى هذا الكلام.
الوجه الثاني: أن الفرق هائل بين مشاهدة الفيلم في صالة العرض السينمائي، وبين مشاهدته في التلفزة، ودليل ذلك: أنه مع انتشار قنوات الأفلام العربية والأجنبية ووصولها إلى البيوت مجاناً فإن جمهور الصالات السينمائية لم يعزفوا عنها، وهي وجمهورها في ازدياد مطرد سواء في مصر والشام أو في بلاد الخليج المجاورة.
 والذي يحضر السينما يستسلم بالكامل لأحداث الفيلم، ولا يشغله عنه شيء؛ لأنه إنما جاء لأجله بخلاف الذي يشاهده خلف الشاشة، ويشغله عنها ما يشغله([36]).
 وسأضرب مثلين برجلين من عقلاء الناس، وهما من مشاهير العرب قد فتنوا بالسينما فتنة شديدة، فكيف بمن دونهم من السوقة والرعاع:
 المثال الأول: الشاعر المشهور أحمد شوقي فقد كان ممن عاصر بدايات السينما وفتن بها فتنة عظيمة، حتى كتب عن ولعه بها بعض السينمائيين، فكتب أحمد بدرخان مقالاً على إثر وفاة شوقي عام 1932م قال فيه:« كان شغوفاً بالسينما يقضي في صالاتها أغلب أيام الأسبوع ... وكان أمير الشعراء يجلس في الصف الأول بقرب الشاشة لقصر بصره...وكان يحضر الفيلم الواحد أكثر من مرة إن كان متقناً...ثم ذكر أنه كان ينظم شعره في صالة السينما. ولما كان ابن شوقي الأكبر علي يدرس القانون بكلية الحقوق بجرينوبل كان والده يكتب له يسأله عن صالات السينما عندهم ليضمن أن يشاهد فيلما جديدا كل ليلة»([37]).
 وقد يقال: إن شوقي ما أدرك عرض الأفلام في التلفزيون، ولو أدركها لما ولع بها كل هذا الولع، وهذا منقوض بما بعده.
 المثال الثاني: المؤرخ والسياسي الفلسطيني أنيس صايغ قال في سيرته الذاتية:« ذهبنا مرة طلاب المدرسة الداخليين إلى دار للسينما وكنت أول مرة أشاهد فيها فيلما سينمائيا وكان الفيلم من إخراج نجيب شماس وبطلته زوجته صباح، وكان من أوائل أفلامها واسمه (أول نظرة) ومع أنه كان فيلماً عادياً جداً، وربما دون العادي فقد فتح شهيتي على مشاهدة الأفلام إلى حدّ أني أدمنت على ذلك خلال إقامتي في بيروت وكمبردج حوالي ثلاثين سنة حضرت خلالها ما يزيد على عشرة آلاف فيلم كلها في دور العرض وليس عبر شاشات التلفزيون»([38])فهو معاصر ومع ذلك كانت فتنته بالسينما عظيمة مع وجود الأفلام على مختلف القنوات الفضائية العربية والأجنبية وأشرطة الفيديو قبل الفضائيات، ومع ذلك يذهب للسينما ويشاهد عشرة آلاف فيلم وهو الجاد في عمله، وإنتاجه غزير سواء في العمل الصحفي أو في تدوين التاريخ الفلسطيني، وهذا يدل على أنه لا مساواة بين أفلام التلفزة وأفلام السينما.
الوجه الثالث: أن دعاة إنشاء صالات للسينما في المملكة لن يتوقفوا عند مجرد عرض الأفلام فيها، بل هي خطوة أولى لمشروعات من الإفساد متعددة لا يعلم مداها إلا الله تعالى، ومن هذه المشاريع:
 1- أن جلب الأفلام السينمائية العالمية أو العربية يسبقه ويصاحبه حملة من الدعايات تمتلئ بها الشوارع ولوحات الإعلانات الكبيرة تحوي صور الممثلين والممثلات، ومن رأى الدعايات في مصر ولبنان وبعض دول الخليج لبعض الأفلام عرف ذلك، حتى إن الدعاية أحيانا تكون بحجم بناية كاملة، وفيها من صور العري والتهتك ما يُخجل الأسوياء، وهذا من أعظم المجاهرة بالمنكرات.
 2- أن السينما بوابة عريضة للاختلاط كما هو واقع في الدول الأخرى، وإن بُدئت بمنع الاختلاط فإنها ستنتهي بتكريسه؛ إذ الدوافع للاختلاط فيها أكثر من غيرها، سواء في دراستها أو صناعتها أو حضور عرضها.
3- أن إيجاد صالات لعرض السينما في المملكة يقود إلى الدعوة لصناعتها السينما محليا، وهو ما يسمى بتوطين السينما -ولا سيما في زمن رفع الشعارات الوطنية- وهو ما حصل في مصر التي سبقتنا في السينما وصناعتها، فإنها ابتدأت أجنبية إلى أن جروا الناس إليها جراً وأفسدوهم بها، وجعلوها وطنية بمضامين الأجانب وأفكارهم وأخلاقهم.
4- أن صناعة السينما تتطلب معاهد وجامعات وأكاديميات متخصصة في ذلك، وبعثات طلابية من البنين والبنات لدراسة ما تحتاجه السينما من تمثيل وتصوير وإخراج وغيره، كما حصل في مصر.
5- في وقت البطالة وشح الوظائف سيقتنص شياطين السينما كثيراً من الشباب والفتيات لتشغيلهم في صناعة السينما، ويغرونهم بالمال والشهرة؛ ليكونوا طليعة جيش من المفسدين يُقدمون قدوات لأبناء المسلمين وبناتهم كما كان الحال في مصر والشام.
6- ستكون الحاجة ملحة حين نخرج جيشاً من صُناع السينما –ممثلين ومصورين ومخرجين- لأنْ تتبنى الدولة إنشاء مدن متكاملة لصناعة السينما على غرار المدن الرياضية لما انتشرت الرياضة، ومصر التي يكدح أهلها نهارهم للكفاف بُني فيها مدن سينمائية واستديوهات ضخمة بدل المشاريع التنموية التي تنفع الناس.
 إلى غير ذلك من المفاسد الكبيرة التي يجرها إقرار السينما؛ ولذا فإنه يتوجب على عقلاء الناس رد السفهاء عن هذا الباب من الفساد والدمار الفكري والأخلاقي الذي يطل برأسه عليهم.    
 الممانعة أصل شرعي ثابت:
 إن انتقاد الممانعين للمنكر ومراغمة أهله بحجة أن هذا المنكر أمر واقع لا محالة، منهج يعارض منهج الرسل عليهم السلام؛ إذ إن النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد، ولم يوافق هؤلاء الأنبياء عليهم السلام أقوامهم في منكراتهم من الشرك فما دونه بحجة عدم استجابة أقوامهم لهم، فمتى كانت عدم المشاركة في إثم الآثمين، وضلال الضالين سلبية يُنهى عنها بحجة أن المناعة أولى من الممانعة.
لقد كانت البنوك الربوية واقعا مفروضا، والبنوك الإسلامية خيالا مرفوضا، وقام العلماء ببيان الواجب تجاه الربا وبنوكه؛ براءة للذمة، وتحذيرا للأمة، رغم أنه في فترات الممانعة يبدو لمن رأى واقع الربا وانتشاره أن هؤلاء المشايخ ينفخون في الهواء، لكن هذه الممانعة وبيان الحكم الشرعي في الربا على مدى سنوات طويلة آتى ثماره، واضطرت كثير من البنوك لما عزف الناس عنها خوفا من الربا إلى إسباغ الصبغة الشرعية على معاملاتها، وتشكيل اللجان الفقهية في معاملات التورق والمرابحة والاستثمار والأسهم وغيرها، وما ذاك إلا لتأثير ثقافة الممانعة التي ينتقدها الشيخ وفقه الله تعالى. 
 ثم إنه لا أحد من القائلين بالممانعة يمنع إيجاد ثقافة المناعة إن قدر القائلون بها على إيجادها، والرفض والممانعة لا تعارض إيجاد المناعة، بل كل يعمل في مجاله، وعند النظر والتحقيق فإن مدافعة المنكر ومقاومة أهله هي من المناعة مع إبراء الذمة، وإنذار الخلق، والإعذار لله تعالى [وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ] {الأعراف:164}.   
 عجبت كثيرا من دندنة فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى حول المناعة مع أن الشريعة منعت ما يحرك الغرائز، ويؤدي للفواحش، ولم تبح هذه الوسائل اتكاء على المناعة التي ينبغي أن يتحلى بها أفراد المجتمع، فمنعت من النظر إلى النساء، والاختلاط بهن، والخلوة، وسفر المرأة بلا محرم؛ لأن هذه الأفعال مظنة الوقوع في الفواحش، مع أنه قد يحصل اختلاط ونظر وخلوة وسفر بلا محرم ولا تقع فواحش، بسبب وجود مناعة أو مانع عند الرجل أو المرأة؛ لكن حكم الشريعة أغلبي، فالأصل أن الشريعة فيها منع مع غرس المناعة في نفوس الناس، وهذا المنع يتناول كل ما يثير الغرائز لدى الجنسين، ومعلوم أن عماد السينما منذ نشأت وصارت صناعة وتجارة إلى يومنا هذا إنما هو على إثارة الغرائز، ونشر الفواحش ومقدماتها، فهل من المناعة أن نسمح بالسينما ونسوغها ونحن نعلم ما سيعرض فيها مسبقاً وما تجر إليه من منكرات عدة؟ وهل في باب المناعة المقترح أن نقول للناس لا تحضروا إلا ما كان عرياً عن المحرم؟ أو احضروا وأغمضوا أعينكم إن كان ثَمَّ مشاهد محرمة أم ماذا؟ فالكلام عن المناعة هو كلام مهلهل لا زمام له ولا خطام، وهو إلى التنظير أقرب منه إلى التطبيق.
وأما يتخيله البعض في أذهانهم وما يحلمون به من تحسين وجود سينما نظيفة، فهو في الأذهان والأحلام لا في الواقع المشاهد، فلماذا يحاكمون الواقع بما يحلمون به، ويرسمونه في أذهانهم من خيالات لا وجود لها في الواقع؛ ذلك أن مبنى السينما على الإثارة التي يحبها الجمهور، والإثارة غالباً ما تكون فيما يتعارض مع الدين والأخلاق كالعنف والجنس، فالمعادلة: أنه لا سينما مؤثرة بلا إثارة، ولا إثارة إلا في المحرمات، يقول المخرج الألماني الغربي فولكر شليندروف:«يحرك الجمهور دافعان : الجنس والعنف، أصبحنا جميعا بهذا المعنى كمتعاطي المخدرات نتحرك عندما يحركوننا، عندما يجذبوننا أو يبعدوننا، ولا يوجد لدينا انسجام مع ذواتنا» ([39])
 أما العنف: فالسينمائيون يرون أن برامج العنف أكثر رخصاً وسهولة في إشعال اهتمام المشاهد، فتزيد عدد المشاهدين، وترفع تقييم البرامج ، وقبل ذلك تزيد في إيرادات الإعلانات الدعائية، ويبرر أحد كبار رجال صناعة التلفزيون في أمريكا في شهادة أدلى بها أمام لجنة تحقيق خاصة بمجلس الشيوخ الأمريكي قبل سنوات قليلة، أن زيادة برامج العنف والجريمة هي من الضرورات الفنية( التكنولوجية) التي تتطلبها طبيعة المنافسة المشروعة..ويقول الناقد السينمائي المصري محمود قاسم:« إن السينما صورة من الواقع وربما تسبقه أحياناً، فلو نظرنا إلى الجرائم البشعة التي تحدث اليوم، وقرأنا صفحات الحوادث سنجدها مليئة بالعنف والدموية، والسينما من جانبها تجسّد تلك الحوادث أو الجرائم بتفاصيلها وأبعادها كافة، والخطورة تكمن في تجسيد السينما للعنف بصورة نافرة أكثر من الواقع... انعكست السينما الأميركية في أعمالنا، وأثّرت في مخرجين مصريين كثيرين، فانتشرت لغة العنف منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، تحديداً مع أفلام الحركة والمطاردات»([40]) ويلفت الناقد السينمائي المصري كمال رمزي إلى أن ظاهرة العنف في السينما لها أوجه وأبعاد مختلفة، موضحاً أن بعض علماء النفس والاجتماع قال:« إن تجسيد لذة العنف والقتل على الشاشة يعزز الرغبة في تنفيذ مشاهد العنف لدى بعض المهيئين لذلك السلوك» ([41]).
 وأما الجنس: فلا يكاد يخلو فيلم أجنبي أو عربي من الإثارة به، حتى جعلوا من الضرورات السينمائية لنجاح الفيلم إلزام الممثلات ببعض حركات الإغراء الجسدي لجذب المشاهدين، وكلام الفنانات في ذلك كثير، تقول الفنانة التائبة هالة الصافي:«أقر وأعترف بأن الحياة التي يسمونها حياة الفن خالية من الفن، وأعترف أنني عشت هذه الحياة.. » ([42])
 وتقول الفنانة التائبة هناء ثروت:«وجدت أن الأدوار التي تصل بي إلى النجومية بعيدة كل البعد عن الأخلاقيات التي تربيت ونشأت عليها وأومن بها، فكان علي إما أن أقدم أدوار الإغراء أو أرفض هذه البذاءات تماماً حتى لو كان فيها الأمجاد التي يصورها البعض...إنني لم أجد الفن الذي كنت أحلم به ولكنني وجدت أشياء أخرى نستطيع أن نطلق عليها أي شيء ما عدا أن نسميه فناً...والأفلام التي تعرض الآن والتي تحقق النجومية تقدم أعمالاً مبتذلة فأنا أصاب بالغثيان والقرف والاشمئزاز عندما أشاهد مشهداً من هذه الأفلام..» ([43])
وتاب زوجها محمد العربي أيضا من الفن وقال:«لن نعود إلى عالم الفن مرة أخرى إلا إذا أصبح هناك فن بالمعنى الحقيقي، وأعتقد أن هذا لن يكون» ([44])  
وقالت إحدى الممثلات التائبات:«كل فنانة تدعي أن الفن رسالة سامية فأنا أقول أين السمو؟ هل يكون بين الإثارة والعراء؟» ([45]) وتقول الفنانة التائبة شهيرة:«اعتزلت التمثيل لرغبتي في البعد عن الأضواء والشهرة، وأن التقي بالله سبحانه وتعالى بدون دنيا زائفة..كما أن الرائج الآن في سوق الفن هو اللعب على غرائز المتفرج .. العنف ..الأعمال البلهاء الكوميديا الرخيصة ..وللأسف هذا هو الذي يحظى بالرواج».([46])
وتقول الفنانة الإماراتية التائبة نورية سليمان: «وأما ما يخص الوسط الفني فهو لما رأيته من ضياع القيم الأخلاقية مما كان له أثر سلبي عنيف على مفاهيمي وقناعاتي ، هذا ما دفعني لرفض الاستمرار في هذا الوسط»([47])
بل إن إحدى عجائز الوسط الفني وهي ممن ينتقد اعتزال الممثلات سئلت عن مشاهد الإغراء فقالت:«ما أقصده بالفن ليس هو ما يحدث الآن داخل الاستديوهات، ويطلقون عليه فناً، إنك تستطيع أن تصفه بأي شيء عدا أن تسميه فناً أو تسمي من يقوم به فناناً» ([48])
 فهاهم أولاء أصحاب السينما وصانعوها وأساطينها يعترفون بما في الوسط السينمائي من القذارة، ويثبتون أن الإثارة هي العماد الذي تقوم عليه السينما، وينفون وجود فن نظيف، وبعضهم يجزم بأنه لا يمكن أن يتحقق؛ ولذلك تركوا الفن..
إن هؤلاء لم يعارضوا الفن لأجل التصوير ولا التمثيل ولا شيء آخر سوى المضمون القذر الذي لا بد منه حتى تنجح الأفلام والسينما، بل إن العجوز التي انتقدت توبة الفنانات اعترفت بأن ما هو موجود داخل الاستديوهات لا يسمى فناً لقذارته.حتى إن كاتباً في مجلة روز اليوسف عرض في دراسة له كثيراً من المشاهد الجنسية في السينما المصرية وهو مؤيد لها ثم ختم دراسته بقوله:«الجنس فى الدراما السينمائية هو ترمومتر لقياس التطرف في المجتمع المصري، ومدى تسامحه وليبراليته، وليس ذلك دعوة لتقديم الجنس لمجرد الجنس، ولكن تعبيد كل المطبات الاجتماعية والمحاذير الرقابية المكبلة للإبداع»([49])
 وأما الضوابط والشروط التي تسوغ بها المحرمات فهي أضحوكة هذا الزمن، وأعجوبة يلهي بها المفسدون أهل الغفلة من الناس، وقد رأينا كيف أن الدساتير التي قامت عليها الدول تخرق، فضلا عن مجرد ضوابط وشروط تشترط فيما هو مستنقع للرذائل، ومجمع للمحرمات، فمن يشترطها؟ ومن يراقب تنفيذها؟ وما يعرض في الصحافة عندنا وفي التلفزة الرسمية ينتهك الدستور الإعلامي الذي أقرته الدولة إبان ظهور وسائل الإعلام، بل صارت أجهزت الإعلام تطعن في المنهج الذي قامت عليه الدولة، واجتمعت بسببه!! فكيف بمجرد ضوابط لن تكون حرمتها ومهابتها حرمة الدستور ومهابته.
 وفي عام 1947م صدر قانون للسينما  في مصر ينص على:« مراعاة احترام الأديان وعدم التعرض للعقائد...ولا يسمح بمناظر الحركات المخلة بالآداب بما فيها الرقص الخليع المغري([50]).
ثم ماذا كان في السينما المصرية بعد صدور هذا القانون خلال ستين سنة غير ما نص على منعه من الإزراء بالإسلام وأهله، والسخرية بأحكام الدين ولغته وعلمائه ودعاته، وأما الحركات المخلة بالآداب بما فيها الرقص الخليع والإغراء الفاتن فلا يكاد يخلو منها فيلم، فالقوانين لا تطبق، والدساتير يخرقها أهل الفساد والانحلال، فكيف بمجرد ضوابط وشروط هي لذر الرماد في العيون؟!
 ونحن نرى ماذا يعرض ملاك القنوات الفضائية من أبناء بلادنا في فضائياتهم من التهتك والعري، واستعراض أجساد النساء، مما يعيرنا به كثير من العرب والمسلمين من خارج بلادنا، بل يتندر به بعض الأجانب الغربيين علينا؛ لإثبات تناقضنا وازدواجيتنا، فكيف إذا سنحت الفرصة لهؤلاء المفسدين، وسمح لهم بصب ما فضائياتهم من الفساد على أرضنا في قاعات السينما، ثم في استديوهات صناعتها، ومعاهد تدريسها؟!
 ودعاة السينما في مصر يعترفون بعد مضي قرن على بدايتها أن قضايا مصر الحيوية لم تأخذ حظها من السينما، وأنها كانت سينما عابثة، وأعظم ما أزعجهم توبة عشرات الممثلات من عفن السينما والتمثيل، والتزامهن بالحجاب([51]).
 وهذه نصيحة تقدمها من سلكت هذا الطريق المظلم سنوات طويلة حتى صارت نجمة سينمائية مشهورة ثم تابت منه، وهي الممثلة المصرية نورا فتقول:«فن هذه الأيام فن مبتذل فيه إسفاف ولن يكون رسالة سامية مطلقاً فهو بعيد كل البعد عن الإسلام...إني أنصح كل فتاة تتخذ من هؤلاء الفنانيين قدوة لها، أو تفكر في الزج بنفسها في وسط تلك الأجواء العفنة أن تقف طويلا وتمعن النظر في أحوالهم، وأقوال التائبين منهم، وأن لا تغتر بما هم فيه من المظاهر الجوفاء، وبريق الشهرة الخادع، فما هو إلا كظل زائل أو سراب كاذب سرعان ما يزول فتكشف الحقيقة»([52]).
 فهل نبدأ من حيث بدأ الآخرون، وقد سلكوا طريقا مظلما خلال قرن لم ينبت لهم إلا علقماً وحنظلا، فهجره كثير من بناتهم لما ذقن حلاوة التوبة، وعلمن أنهن كن لعباً في أيدي اليهود والنصارى ووكلائهم، ولماذا يُسمح في بلادنا المباركة لأقلية مفسدة أن تفرض فكرها المنحرف على جمهور الناس؟ فأين عقلاء قومي أين؟!
 [رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الغَافِرِينَ] {الأعراف:155}  


[1])) ينظر في ذلك: الموسوعة العربية العالمية، حرف (ص) مادة: صناعة السينما، وتاريخ السينما في العالم، جورج سادول، ترجمة إبراهيم الكيلاني، وفايز كم نقش، ط: عويدات، بيروت1388، وصناعة السينما، دراسة اقتصادية مقارنة د.محمد العشري، وهو من أجود الكتب التي أرخت لمراحل السينما العالمية وتطورها ص9-23، وكذلك لنشأة السينما العربية ومراحلها ص24-34.
[2])) والنقاد السينمائيون يصنفونه ضمن أفلام العنف؛ مما يدل على أن الإثارة بالعنف في السينما بدأت مع بدايتها.
[3])) للممثل الهزلي العالمي تشارلي سبنسر تشابلن مذكرات عن حياته وعن مراحل السينما الصامتة أرخت لها كونه أشهر ممثل في هوليوود إبان نشأتها، وأصله إنجليزي، وانتقل إلى أمريكا، وله أكثر من ثمانين فيلما صامتا، ومذكراته بعنوان: قصة حياتي، ترجمها وقدمها: كميل داغر، ط1414.
[4])) الفن السينمائي وصراع الأفكار، الكسندر كاراغانوف، ترجمة د.ممدوح أبو الوي، دار دمشق للطباعة والنشر ، ط الأولى 1985 ص20-21.
[5])) ينظر مع المصادر السابقة في ذكر السينما العالمية:  الهوية القومية في السينما العربية، بحث: كمال رمزي بعنوان: ارتباط نشوء السينما العربية بحركة التحرير العربي ص15، مركز دراسات الوحدة العربية، ط الأولى 1986م ، ودراسة مختصرة عن السينما المصرية، الهامي حسن ص170، وقصة السينما في مصر، سعد الدين توفيق، ط: دار الهلال القاهرة، 1969م والنقد السينمائي في الصحافة المصرية للناقد السينمائي د. علي شلش، ص38 وفيه عقد فصلا لتاريخ السينما في مصر، هو أجود ما وقفت عليه من جهة جمع الكتب التي أرخت لبدايات السينما المصرية وتحليلها والمقارنة بينها.
[6])) وقيل: إن هذا الفيلم عرض عام 1917، وحصلت ضجة بسبب تعمد قلب الآيات القرآنية مما أدى إلى إيقاف عرضه.
[7])) الهوية القومية في السينما العربية ص18-19 ، وفي بعض المصادر أن أول استوديو أسس كان بالاسكندرية عام 1912م، وهي أهم مرحلة تطورت فيها السينما، وفيها أرسلت بعثات طلابية لدراسة السينما في الخارج، ينظر: الصحافة الفنية في مصر أحمد المغازي ص346، وشلش ص51
[8])) مجلة تواصل، الدار البيضاء عدد23 1985 ص34 عن السينما الإفريقية ظاهرة جمالية د.وجدي صالح ترجمة: عادل محمد عثمان، ص10-11.
[9])) نشرته دار الانتشار العربي في بيروت بالتعاون مع نادي حائل الأدبي.
[10])) انظر: الدوافع السياسية في السينما الصهيونية جودت السعد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الأولى 1983م فقد عقد فيه مبحثا لعلاقة السينما الصهيونية بالسينما العالمية ص29.
[11])) انظر: صحيفة دافارا 29/11/1978 عن المصدر السابق ص33 و36.
[12])) الفن السينمائي وصراع الأفكارص35
[13])) المصدر السابق ص35
[14])) مثل دراسة الناقد السينمائي المصري: أحمد رأفت بهجت بعنوان: اليهود والسينما في مصر، نشرها المؤلف في القاهرة عام 2005م
[15])) مذكرات محمد كريم ص156 عن  الهوية القومية في السينما العربية ص21.
[16])الهوية القومية في السينما العربية ص30
[17])صحيفة المسلمون، عدد437، والحقيقة أن عبث الأجانب بأبناء المسلمين وبناتهم في الوسط الفني يحتاج إلى دراسة مستفيضة؛ لأن الملاحظ أن اليهود والنصارى كانوا ينطلقون في هذا الإفساد السينمائي من دوافع دينية وعنصرية؛ لأن الذين كرهوهم وفضحوهم من السينمائيين العرب لم يكن الدين عندهم ذا بال وإلا لما دخلوا عالم السينما من بدايته مع ما فيه من فساد، ولكنهم اكتشفوا أن أولئك الأجانب عنصريون لا يبغضون دينهم فقط وإنما يحتقرون جنسهم، وهذا ما أثار حفيظتهم، وكل ما نقلته في هذا المقال هو عن أناس لا علاقة لهم بالدين سوى ما نقلته عن التائبين والتائبات. 
[18])) الجانب الآخر للثقافة السينمائية ريما العيسى وحسان أبو غنيمة المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الأولى 1983م 
[19]))  الموقف من سينما إسلامية محمد وليد جداع، دار الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة، ط الثانية 1409 ص32. وحسان أبو غنيمة متخصص في السينما، وألف فيها كتبا عدة منها: في الفن السابع، والبحث عن السينما الأردنية، وحوارات مع السينما العالمية، والسينما ظواهر ودلالات، وفلسطين والعين السينمائية.
[20]))  النقد السينمائي في الصحافة المصرية ص49
[21])) المصدر السابق ص61، ومحمد السيد شوشة ناقد سينمائي قديم، كتب قصة فيلم(آمنت بالله) الذي عرض عام 1952م.
([22]) قصة السينما في العالم آرثر نايت، ترجمة سعد الدين توفيق دار الكتاب العربي1967 ص71 و السينما والأدب، فؤاد دوارة، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991م ص20 والفن السينمائي وصراع الأفكار ص3.
[23])) الفن السينمائي وصراع الأفكار ص3.
[24])) الفيلم والجمهور ص18عن السينما والأدب ص18.
[25])) السينما آلة وفن، ألبرت فلتون، ترجمة صلاح عز الدين وفؤاد كامل، تقديم عبد الحليم البشلاوي ص7 والسينما والأدب ص19.
[26])) السينما فن، صلاح أبو سيف دار المعارف ،مصر ص4
[27])) تعريف النقد السنيمائي 42 عن السينما والأدب ص19
[28])) محمد كريم من المخرجين القدماء، امتهن الإخراج السنيمائي سنة 1927م ويعدونه من المخرجين الرواد، ويسمونه في السينما المصرية: المعلم الأول، وهو من أوائل من وطنوا السينما في مصر حين كان الأجانب وخاصة الإيطاليين هم الذين يخرجون الأفلام السينمائية، تأثر بالسينما وعشقها وعمره عشر سنوات إثر مشاهدته لفيلمي ( أسرار نيويورك، وفانتوماس) التي عرضت في سينما (أمبير) في القاهرة، وحاول امتهان التمثيل، وكان يستخفي من أهله هو ورفاقه لأن التمثيل آنذاك كان عارا، ومع تغير الأفكار والقيم صار شرفا. وقد طبعت مذكراته في تاريخ السينما المصرية أكاديمية الفنون عام 2006م بتحقيق محمود علي.
[29])) انظر: يوسف شاهين أمام المحاكم، محمد الصاوي، مكتبة المعارف الحديثة الاسكندريةص28-29.
[30])) المصدر السابق  ص31-32
[31])) المصدر السابق ص 29
[32])) صحيفة الأخبار المصرية 13/10/1994 عن .السابق ص122
[33]))  يوسف شاهين أمام المحاكم ص 36
[34])) المصدر  السابق 36
[35])) مجلة الكواكب 18/10/1994 عن السابق ص 108
[36])) ينظر:  الفن السينمائي وصراع الأفكار ص9-10.
[37])) النقد السينمائي في الصحافة المصرية ص63-64، وأحمد بدرخان أصله كردي، وهو من المخرجين المصريين القدماء، وعاصر نشأة السينما التمثيلية في مصر، ويعده السينمائيون مؤسس السينما الغنائية، وهو أول من نادى بإنشاء معهد للسينما، ودراسته كانت بين فرنسا والجامعة الأمريكية بمصر.
[38])) أنيس صايغ عن أنيس صايغ، دار رياض الريس ط الأولى 2006 ص127، وهو من ألمع الباحثين والمؤرخين الفلسطينيين، ولد في فلسطين عام 1931م لأب سوري قسيس وأم لبنانية، و تزوج أردنية، كان قوميا ثم تحول إلى ناصري، وأسس مركز الأبحاث الفلسطيني الذي يعد أهم منجز ثقافي فلسطيني وتعرض لعدة محاولات اغتيال من اليهود بسبب المركز الذي يرأسه، إلى أن استقال منه على إثر خلاف بينه وبين عرفات.
[39])) انظر: الفن السينمائي وصراع الأفكار، ص22
[40])) جريدة الجريدة الكويتية، عدد 508، 12/1/2009م.
[41])) المصدر السابق.
[42])) انظر: فنانات تائبات ونجمات الإثارة، عماد ناصف، وأمل خضير، ط: الثامنة، الناشر: المؤلفان. ص33
[43])) المصدر السابق، ص66-68
[44])) المصدر السابق، ص72
[45])) المصدر السابق، ص135.
[46])) مجلة الإصلاح عدد 206.
[47])) مجلة الإصلاح عدد 245.
[48])) فنانات تائبات ونجمات الإثارة، ص183.
[49])) التطور الطبيعى للمشاهد الساخنة، أحمد باشا، روز اليوسف المصرية في 5 يناير 2008.
[50])) ينظر: الهوية القومية في السينما العربية ص32.
[51])) جاء ذلك في العدد الذي خصصته مجلة روز اليوسف المصرية في 5 يناير 2008 عن السينما المصرية في عيدها المئوي، ومن المضحك أن كثيرا من الكتاب العلمانيين في مصر من ليبراليين وقوميين واشتراكيين شنوا حملة شعواء على توبة الممثلات، وتنادوا بإزالة الخطر الداهم على السينما المصرية، وزعموا أن توبة الفنانات اشتريت منهن بأموال تصل إلى الملايين يدفعها لهن تجار من الخليج ليعتزلن الفن، ويلتزمن بالحجاب، وجوبهت إحداهن بهذا الكلام على إحدى الفضائيات فبكت من عظم الفرية، وقالت باللهجة المصرية: هم بيدفعوا للي بيخلع مش للي بيلبس، وقد أوجزت وأصابت؛ فالناظر لشبكات التلفزة التي يملكها تجار الخليج يعلم حقيقة قول هذه الممثلة التائبة، تقول الممثلة شمس البارودي –وهي من أوائل من تابوا من السينما وأهلها-:« أفلامي التي تبرأت منها وأعتبرها ذنباً سأظل طيلة عمري أبكي ندماً عليه وعلى اقترافه...بدءوا يعرضون هذه الأفلام بكثرة ملحوظة لدرجة أنه بعد حجابي واعتزالي الفن بشهور كانت جميع دور العرض في مصر، بل وفي البلاد العربية أيضاً تعرض الأفلام التي تبرأت منها تبرؤ الإنسان الطاهر من الرذيلة....حاول عشرات المنتجين أن يعيدوني إلى التمثيل..أعطاني بعضهم شيكات على بياض، وعرض علي بعضهم أرقاما خيالية ما كنت أحلم بها، بل إن ناقداً فنياً كبيراً قد اتهمني بأنني دفنت نفسي ودفنت جمالي وأنوثتي ودلالي وشهرتي وضحك علي أصحاب الذقون!! ولكني أقول لهم ولغيرهم أبداً لن أعود إلى الفن..لن أعود إلى الشيطان الذي سرق مني كل شيء» أهـ فنانات تائبات ونجمات الإثارة، ص57.
 والعجيب في الأمر أن أبالسة الإفساد والسينما في مصر أقنعوا بعض مشايخ الضلالة بأن يعظوا التائبات ويقنعوهن بالعودة للسينما باعتبارها باباً من أبواب الدعوة والجهاد وتثقيف المجتمع، كما انتزعوا منهم فتاوى بأن السينما والتمثيل فيها لا يتعارض مع الشرع وجعلوها حاجزاً للممثلات الباقيات في السينما تحجزهن عن التوبة من هذا الإثم المبين، وبهذه الفتاوى المضلة عاد بعض من اعتزلن الفن والسينما إليها مرة أخرى، وأذكر أن إحداهن سئلت عن التوبة من الفن والسينما في إحدى المجلات المصرية، فقالت: أتوب من ماذا؟ الفن عبادة أتعبد بها لله تعالى!! ويحمل إثم هؤلاء النسوة من أضلهن من مشايخ الهوى والضلالة، نسأل الله تعالى العصمة والهداية لنا وللمسلمين [فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ الله لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ] {البقرة:79}      
[52])) أسرار في حياة التائبات، عبد المطلب حمد عثمان، دار طويق للنشر والتوزيع، الرياض، ط:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق