ما ان تسلم العسكر زمام الأمور حتى الفوا لجنة
الوحدة القومية لإدارة شئون البلاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية وتضم اللجنة 38
ضابط هم من قاموا بالإنقلاب على الخلافة كما انتخبوا الجنرال جمال غورسل ، رئيسا
لهذه اللجنة ورئيسا مؤقتا للجمهورية التي تألفت من عسكريين ومدنيين
"تكنوقراط" في غالبيتهم والمدنيين بالطبع ليسوا أكثر من ديكور وواجهة
للإنقلاب ليس أكثر وهم مجرد أدوات لتبييض وجه العسكر حتى يستتب لهم حكم البلاد ثم
يبدا الرمي بهم في سلال القمامة وبالطبع كان يتصدر الواجهة رجال دين لدغدغة مشاعر
الشعب ومخاطبة العاطفة الدينية وما هم برجال دين بل هم مثل عرائس متحركة والخيط
بيد العلمانيين وعلى رأسهم العسكر الأتاتوركي .
وقد احتفظ الجنرال غورسل لنفسه في هذه الوزارة
بوزارة الدفاع ليضمن السيطرة والولاء من الجيش .
وأجريت أول إنتخابات نيابية عامة بعد الإنقلاب من
اجل إعادة الحكم إلى المدنيين كما صرح قادة الإنقلاب أنهم ليس لهم مطامع في الحكم
وقد كذبوا بالطبع .
فماذا فعل الإنقلابيون طيلة وجودهم في الحكم من
مايو سنة 1960م إلى اكتوبر 1961م ؟
لقد قاموا بأعمال كثيرة أهمها اجراء تطهير واسع
في صفوف الجيش ، فأقالوا خمسة آلاف ضابط من الرتب المختلفة بحجة تنظيف الجيش من
أعداء الثورة كما يطلقون على الإنقلاب وبالطبع فقد تبعهم قطعان كثيرة من الأتراك
وقتها والنصارى واليهود ودعم ذلك الإنقلاب كل يهود العالم والفاتيكان والكنائس
التركية وانجلترا وفرنسا وكل دول الغرب الصليبي كيف لا وقد طابت لهم دولة الخلافة
الإسلامية واستبدلوها بالخلافة العسكرية العلمانية .
كما أجرى الإنقلابيون تطهير آخر في صفوف اساتذة
الجامعات فأقالوا 147 استاذا في مختلف الجامعات والكليات لا سيما كليات الحقوق
والعلوم السياسية والاقتصادية والإجتماعية وكليات التاريخ والآداب ، بداعي ان هؤلاء
يزرعون الفتن والفوضى في صفوف الطلاب ثم اقالوا كل من هو ضد توجههم من القضاء
والشرطة واي وظيفة حساسة بالبلاد
.
وبينما كان الإنقلاب يمر بكل هذه المراحل نشا
تكتل داخل صفوفهم ينادي بانتقاد تسليم عصمت اينونو الحكم للمدنيين وطالبوا أن
يستمر الإنقلابيون في الحكم لمدة أربع سنوات دون انتخابات نيابية .
وقد ألقى الجنرال غورسل بثقله في المناقشات مذكرا
الضباط الإنقلابيون بالقسم الذي أقسموه في الإجتماع الذي أداه ضباط الإنقلاب
بتسليم الحكم للمدنيين ولكن العسكر لا يعرف لغة التفاهم والوفاء بالوعود والعهود
بل تنكروا لكل ما قالوا ووعدوا به من قبل .
وقام العسكر بعمل دستور والتصويت عليه جاء
بالموافقة وكان أهم بنوده أن تركيا دولة علمانية .
وشكل العسكر التركي محاكمات صورية في سبتمبر
1961م وصدرت احكام قضت بإعدام رئيس الجمهورية جلال بايار ورئيس الحكومة عدنان
مندريس ووزير الخارجية فطين رشدي زورولو ، وقد نفذت هذه الأحكام شنقا بحقهم
باستثناء الرئيس جلال بايار ، الذي أبدلت عقوبة الإعدام بحقه بالسجن المؤبد بسبب
تدخل الرئيس عصمت اينونو الذي صح تحذيره لعدنان مندريس عندما قال له ولوزرائه في
احدى جلسات الجمعية الوطنية " إذا استمريتم هكذا فحتى أنا سأكون عاجزا عن
انقاذكم " .
وما أن صدرت الأحكام الموجهة عن طريق العسكر
لقضاة معينيين بطريقة مشبوهة لإصدار أحكام مسبقة ومعروفة وما أن تم تنفيذ أحكام
الإعدام بحق المعارضين للعسكر حتى شرع العسكر في محاولة تبييض وجههم القبيح
فأطلقوا سراح عدد من المعتقلين السياسيين وممن حكم عليهم بمدد طفيفة وأطلقوا سراح
الصحفيين اضافة إلى عدة تدابير اخرى ليس أكثر من شكليات رمزية .
وفي النهاية سقطت الخلافة العثمانية وأحكم العسكر
العلماني قبضته على البلاد ولم تتحرر من قبضة العلمانية حتى يومنا هذا .
نسال الله أن تعود الخلافة الإسلامية عاجلا غير
آجل ولو في جزر القمر أو حتى في روما او باريس.
.
كتبه : محمد الفاتح .
.
المصدر : كتاب ذئب الأناضول أتاتورك – تأليف
مصطفى زين .صـــ 339 ....... الخ
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق