الجمعة، 3 يوليو 2020

تنمر الممثلة المصرية اسعاد يونس .

البت فتزحية
==============
• في الزمانات كان من الطبيعي ان يدق رجل من الفلاحين الباب مصطحبا صبية صغيرة في يده و عارضا علي الأسرة أن تقوم باستضافتها و تشغيلها.. مين دي يا عم نبرواى؟؟.. قالك دي فتزحية.. بت طيبة و غلبانة و عايزة تعيش.. شغليها ياست الله يفتح عليكي.. أيوه ياعم نبرواى بس انا عندي دادة أمينة شايلة البيت علي كتافها و مقدرش افرط فيها.. ياست أهه تساعد.. ده بت مش حاتسمعيلها صوت و منكسرة.. دي أغلب م الغلب.. و استفاض في شرح مأساة ولا كلمة منها حقيقي طبعا..
• ماما ما قصرتش كالعادة في الظروف دي و عينيها رغرغت بالدموع و قالتله طيب خليها تدخل.. و اجتمعنا كلنا نشوف الزائرة الجديدة اللي حاتشرف و تآنس..
• كانت فتزحية كائن بلا ملامح.. راسها عاملة زي قالب الطوب الاحمر.. مستطيلة بزوايا قايمة.. خارج منها تشكيلين.. ودنتين شبه ودان القطة بجد.. و ضفيرتين في قوام السيجارة ملولوين و كاشين م الذعر.. أما الوجه فكان شوية حاجات كده تتيح التنفس و الرؤية و أحيانا الطعام.. خرمين مكان العينين بلا سحبة و لا رموش و لا قبة ولا نني باين ولا لون.. خط زى نص الطبق كناية عن بُق.. شوية شعر منطورين تعبيرا عن الحواجب لكن واحد لازق في سقف قورتها و التاني سارح لوحده في وشها كده ماتعرفش موقعه المفروض يكون فين.. و بروز أفطس فارش بالعرض اشارة الي المراخير عبارة عن كتلة لحمية مكببة و فيها خرمين اوسع من خرم الإبرة هسة.. القصد كائن صعب تصنيفه او فهم ألغازه..
• إزيك يا فتحية؟؟.. خرج تزييق نشاز أخنف يقول حند الله.. مين؟؟.. حند الله.. آه الحمدلله.. شكلنا حانعاني في التواصل.. ماما بصتلي بصة حافضاها كويس.. بادرت بالاعتراض دفاعا عن شبابي و مستقبلي و صحتي.. ليه أنا؟؟.. ليه دايما أنا؟؟.. مش بنتي الكبيرة و سندى و ضهري؟؟.. أمال مين حايساعدني غيرك؟؟.. و دادة أمينة واخدة شهر أجازة و مفيش غيرك.. قومي..
• يبدو أنه كان تقليدا طبيعيا في هذه الآونة.. البت من دول تيجي فنحميها أو نجلطها و ندلق عليها جاز ثم نسلك الفروة التي من المفروض أنها شعر ثم نقوم بتفليتها كأننا بننقي الدودة و اللطع.. و في حالة فتزحية كنا كأننا اقتحمنا مستعمرة هنود حُمر.. فقد كان القمل بيفط و ينط و يقاوم بشدة و يقفز قفزات انتحارية من نافوخها لينتشر في أرجاء الحمام و احنا وراه بالشبشب.. و كان من الطقوس أيضا في السكة كده أن نلاحظ ان كان فيه اى علامات لجرب أو تينيا أو سنطة.. سلو يعني.. وبعدين نحرق كل هدومها اللي هي في العادة مش جاية بيها.. حيث كانت البؤجة غالبا ما تتربط علي شوية هلاهيل أملا في هدوم جديدة من اهل البيت.. و مين أهل البيت اللي دايما بيتقلّب ف دولابها.. العارفة المؤمنة بالله جنابي.
• قعدت فتحية بعد ما اتغيرت م الحموم و فقدت نص وزنها م الجلخ اللي اتشال و احمرت و زنهرت كده م التلييف و هو موجهة راسها ناحيتنا.. المفترض باصالنا بس مش شايفين احنا تعبيرات عينين و لا وش ولا نيلة.. في الغالب كانت بتسبنا في سرها علي ماتش تغيير المعالم اللي حصل فيها منذ لحظات.. ياللا يا فتحية كُلي عشاكي عشان تقومي تنامي.. لأ.. طب قومي نامي.. لأ.. هو ايه اللي لأ؟؟.. برضه لأ.. خدناها وريناها سريرها و دولابها و خرجنا.. ركزت اتجاه وشها للسرير بقرف شديد لم نلمحه علي وجهها ذو المعالم الممحية.. و لكننا شعرنا من الزومة اللي زامتها كأنها جاموسة تعاني من عسر الهضم.. تركناها و خرجنا.. لكن بما إن الفار كان قد بدأ يلعب في عبنا من ناحيتها.. فقد عدنا بعد دقائق لنطمئن عليها فلم نجدها في فراشها.. يوه.. هي البت فتزحية لحقت تهرب؟؟.. طب حانقول ايه لعم نبراوي؟؟.. و بالبحث و التحري فوجئنا انها دخلت نامت تحت سريري أنا!!.. وقفت اتأمل الموقف.. طب حاجيبها ازاي دي؟؟.. اتقلبت علي وشي في الأرض عشان ابقي علي مستوي مخاطبتها.. بتعملي ايه عندك يا بنتي؟؟.. حندالله.. الحمدلله علي كل شئ بس ايه الفكرة من انك تلبدى في الحيط تحت السرير كده؟؟.. و بيني و بين نفسي قلت يا عيني البنت منكسرة و خايفة مننا لا نعذبها حسب سمعة بعض البيوتات ساعتها.. قعدت اطمنها و هي بتلزق في الحيط اكتر كأنها عايزة تخش جواه و اقنعها تطلع محدش حيأذيها.. ما اقتنعتش.. قلت طيب نسيبها الليلة دي عشان تطمئن اكتر و أمري لله.. مانا الضحية دايما.. تخيل نفسك نايم علي سرير فيه مخلوق مزروع تحته بلا أى مبرر..
• توجه أفراد الأسرة الكرام كل الي فراشه.. و طفوا الأنوار.. و اتفردت انا علي السرير.. كائن عاوز ينام بقي.. حيث جرت العادة أن يتمدد الإنسان فاردا جسمه علي السرير اذا كان حاينام.. محدش قالنا ان إجراء النوم ممكن يتم و الواحد قاعد مجعمز في سريره او مرعوب فمقرفص فوقيه.. و لكني اكتشفت أن هكذا يكون الحال لو كنت نايم فوق حد تحت السرير صوت نفسه زى صوت بابور الطحين.. و بعد شوية بدأ يصدر منها أنين بحشرجة تحول ف طوره الثالث الي نعير و ختمت بمسلسل من العوعو غوغو زووزوو.. مش عارفة كناية عن كوابيس و الا سراديب صدرها كان فيها من التعرجات ما يجعل الهوا اللي داخل و خارج يمر بيها مصدرا هذه الزوابع..
• الصبح حطينالها الفطور.. لأ.. دخلت ماما عالتلاجة لقتها منسوفة من كله.. سألنا بعض.. مين اللي نسف التلاجة؟؟.. زى مين اللي سرق العامود كده.. طلع محدش طبعا غير الكائن الغريب فتزحية.. التي كانت تجلس محملقة في لا شئ و لا كأنها عاملة عملة..
• بدأت أراقب فتزحية عن قرب.. ياللا ننضف قزاز الشباك.. ماهو نضيف.. لأ مش نضيف يا فتحية.. لأ نضيف.. هو انا هاهرق نفسي و انضفه عشان يتوسخ تاني؟؟.. فنستغرق في مناقشة طويلة عن كُنية القزاز نضيف و الا ملطّع.. و جدوي تنضيفه من عدمها.. و اتضح ان هذه فكرة البت فتزحية عن النضافة عموما.. حتي جسدها.. فأى شئ حايتوسخ تاني يبقي عبث اننا ننضفه..
• اذن هي لا تعترف انها هنا من أجل هذه المهمة.. طب نعمل ايه؟؟.. نحاول نشوف لها مهمة أخري.. الطبيخ مستحيل طبعا.. فهي رائدة و مؤسسة مدرسة العفانة و بالتالي مجرد اقترابها من باب المطبخ جريمة في حقنا وحق منظمات حقوق الانسان عموما.. طيب تعرف تكوي مثلا؟؟.. لأ.. تنشر الغسيل؟؟.. لأ.. تغسل مواعين؟؟.. تخيط ملابس؟؟.. تشتغل تريكو؟؟.. لأ.. كله لأ.. و ليست هناك نية لتعلم أى شئ..
• حاولت اتجاذب معاها أطراف الحديث يمكن أعرفلها أى هواية او نشاط او رغبة دفينة حتي.. أبدا.. قلنا نسيبها شوية لحد ما يظهر عم نبراوي و نسلمه الأمانة و نخلص.. خصوصا و أن دادة أمينة قربت ترجع م الأجازة و دي كانت ممشيانا عالعجين ما نلخبطوش من حيث النظام و النضافة.. لكن عم نبراوي اختفي.. بلانا البلوة دي و خد في وشه و قال عدولي..
• كان من الممكن ان تتحول فتحية الي بني آدم عايش معانا علي ما تفرج و خلاص.. الا أنها تحولت الي عبء ثقيل خصوصا بعد ما بدأت هواياتها الحقيقية تظهر.. فقد كانت تنفذ عكس الغرض من قدومها أصلا.. احنا ننضف و هي توسخ.. و تتلصص علينا.. يجيلنا ضيوف فتدخل تآنسنا و تجلس وسطهم بلا أى مناسبة و كمان تصدر اصوات و تصرفات تودي ف داهية.. تعبث بأشياءنا مثل كتبنا و كراريسنا بغرض التبويظ و خلاص.. ترتدي ملابسنا في غيابنا فتفضحها رائحتها.. و بدأت تقلب الفلوس الفكة ثم دخلت عالمجمد.. و تخفي الأشياء الهامة و تبتسم في لؤم شديد عندما نجدها بعد طول بحث.. و كانت بتاكل كل الأكل حتي بدأنا نشعر بالاضطهاد و بوادر المجاعة..
• كأنه كان احتلال من كائن غريب عجيب مزعج ممل و شكله استغفر الله كمان.. حتي جاء يوم كانت امي تقوم بالتنظيف و هي واقفة تتفرج عليها و ماسكة فازة كبيرة بتلعب بيها.. فأمرتها أمي أن تضع الفازة جانبا و توسع الطريق لها حتي تنتهي من التنظيف.. فالبت فتزحية بوقاحة شديدة راحت رافعة الفازة لحظة كده و ماما تتابعها بعينيها في فزع و راحت دب.. دشاها في الأرض.. هنا خرجت ماما عن عقلها و صبرها و راحت راكنة المقشة و قالعة الشبشب و هجمت عليها.. و قبل أن أفيق من صدمة إن ماما ممكن تضرب حد بالشبشب زى الأفلام كان الجرس بيضرب فجريت افتح الباب.. للحظ طلع عم نبراوي جاي يقبض الشهرية.. و كان أن اشتركنا جميعا في هذه الموقعة التاريخية.. ماما طايحة بالشبشب و انا و عم نبراوي بنحجز بينها و بين فتزحية.. و انا بصفتي لئيمة بطبعي.. كل ما الاقي الشبشب نازل اصدر قرعة عم نبراوي لتتلقي الطرقعة..
• انتهت الموقعة و لله الحمد بعم نبراوي يرحل و معاه البت فتزحية و ماما بتدش بواقي الفازة وراهم..
• هذه حادثة حقيقية.. لا يميزها عن غيرها من الحوادث الشخصية الا تاريخ حدوثها.. للعجب اعجاب.. كانت يوم تلاتين يونيو.
                                                              إسعاد يونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق