الاثنين، 17 أغسطس 2015

الكيف والشاي والحذاء الطري .....................

كان هناك فيلم زمان اسمه " الكيف " بطولة يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز وجميل راتب .
كان هناك مشهد يجمع بين يحيى الفخراني وجميل راتب وكان الأخير تاجر مخدرات .
يقول يحيى الفخراني موجها حديثه لتاجر المخدرات جميل راتي :
.. لماذا تعمل في تجارة المخدرات ولماذا تقوم بغش المخدرات التي تبيعها إذا كان ممكن تكسب بدون غشها وفي كل الحالات هي مفسدة للأمم ؟ .
فقال له جميل راتب : الشعب المصري هو الذي يطلب منا أو يجبرنا أن نغشه أو نخدعه ولا يقبل الشعب أن نعامله بإحترام وبدون غش !!!! .
قال له الفخراني : كيف ذلك ؟!!!
قال راتب بعد تنهيدة مريرة : زمان في بداية حياتي العملية فكرت أكون تاجر ، فكونت مبلغ مالي وفكرت في التجارة في الشاي حيث أن استهلاك الشعب المصري له عالي جدا وفرص المكسب فيه عالية ومضمونة .
يقول : ذهبت إلى الهند وسيريلانكا ومجموعة من الدول التي تزرع الشاي في محاولة مني لإحضار أعلى جودة وأنقى نوع من الشاي في العالم للشعب المصري .
وبالفعل أحضرت أفضل نوع وأعلى جودة بأقل سعر ممكن وأنزلت المنتج للسوق وخسرت خسارة كبيرة في هذه الصفقة مما أوجعتني ونصحني أحد رجال الأعمال أن أضع برادة حديد أو نشارة خشب على الشاي حتى استطيع أن أكسب .
فعملت بالنصيحة وكسبت مكاسب مهولة في فترة قصيرة جدا وكونت ثروة كبيرة جدا وأصبحت من محتكري هذا المنتج واصبحت من حيتان السوق كما يقال .
ويكمل جميل راتب : وبعد فترة جلست مع نفسي وقلت : أنني اصبحت غنيا جدا ومن كبار رجال المال والأعمال ولم أعد أحتاج أن أغش الشاي وأخلطه ببرادة الحديد أو النشارة ، فقررت أن أبيع الشاي النقي الجيد المذاق وبالفعل أحضرت صفقة كبيرة جدا ونزلتها السوق ورفض الشعب المصري أن يشتري الشاي نهائي وخسرت الصفقة ، فعدت مرة أخرى إلى بيع الشاي المغشوش فقبله الشعب بكل سرور .
فقا له الفخراني : أنت الذي أفقت الناس الذوق عندما بعت لهم شيء مغشوش فتعود الناس عليه واستطعموه ولما أنزلت لهم الصنف الجيد الذي لم يتعودوا عليه رفضوه .
إذا أنت السبب وليس الناس .
... فقدان الناس للذوق العام يأتي من تعود الناس على رؤية الشيء القبيح بكثرة وإلحاح إعلامي حتى يتعوده الناس ويصبح من المسلمات ويأتي من عدم إعطاء الناس الشيء الجيد ليتربوا عليه ونصنع عندهم حس ذوقي عالي .
فمثلا : تعودت عين المصري على وجود الصليب على الكنيسة وفي التليفزيون والصحافة والأفلام وعلى يد النصراني وفي الملصقات فاصبح تقبلهم لوجود الصليب في بلادهم شيء عادي وبشكل مبالغ فيه قياسا على انهم أقلية .
تعود الناس على وجود الزبالة في الشوارع فأصبح شيء مقبول .
تعود الناس على الإهانة من الشرطة ومن الحاكم حتى اصبح شيء مقبول .
تعود الناس ان يحكمهم طاغية يفعل بهم الافاعيل حتى اصبح شيء مقبول .
تعود الناس أن يقدس أي لحية وجلباب ولو كان غشاش في اصله .
تعود الناس على سماع أخبار فلسطين وقتل الصهاينة لهم وسرقة أرضهم حتى اصبح الخبر من كثرة تكراره أنه شيء عادي ومقبول .
تعود الناس على رؤية دماء المسلمين في فلسطين وسوريا ومصر وليبيا واليمن والعراق والشيشان وكشمير والبوسنة وتركمستان والفلبين والصومال وأفريقيا الوسطى وغيرها حتى اصبح رؤية الدم والقتل عند الناس شيء عادي .
فلم تعد القلوب تنكر ما ترى بل اصبح عند الناس بلادة وبرود في تقبل الدم وإستحلاله في حالة كثيرة من مسلم لمسلم .
تعود الناس على الافلام الهابطة والاغاني الهابطة والإعلامي الهابط والقاضي الفاسد والشرطي المتوحش المتعالي .
تعود الناس على وجود بلطجي في الشارع متسلط وفي العمل مدير متسلط وفي البيت شخص ما متسلط وفي العمارة وفي النادي وفي المناسبات فتعود الناس على المرونى مع كل هذه القبائح .
اصبح المسلم يفكر كيف يتعود على تلك الزبالات الحياتية .
اصبح حلم المسلم أن يتعطف عليه الطاغية وهو يدوس على رقبته بالحذاء أن يكون جلد الحذاء طري بعض الشيء ويتعطف الجلاد ويغير نوع الحذاء الذي يهين به كرامته واثناء وضع الطاغية حذائه على رأس المواطن يحاول المواطن أن ينطق بكلمة واحدة تحت ضغط قدم جلاده فيقول له جلاده ماذا تريد أن تقول ويخفف عنه ضغط الحذاء من على خده ، فينظر له المواطن إلى أعلى ويقول له :
يا سيدي اعتذر لك لأني نسيت أن أشكرك على نوع الجلد الطري الذي تهينني به .
.
.
.
.
كتبه : محمد الفاتح .

هناك تعليق واحد: