الثلاثاء، 12 مايو 2015

- رفض خوان غويتيسولو ( م 1931 ) الأديب الاسباني المناصر لفلسطين رفض قبول جائزة القذافي العالمية للأدب ، لأنها تحمل إسم حاكم مستبد وديكتاتور .
- ورفض صنع الله إبراهيم جائزة القاهرة للإبداع الروائي لأنهم من نظام مبارك وقال أنه نظام شمولي يقيم علاقات مع إسرائيل .
- وقبل أحمد الطيب شيخ الأزهر أن يأخذ جائزة مالية من حكام الإمارات .
.
قال سعيد بن المسيب : إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص .
وقال بعض السلف : إنك لن تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه .
وفيما رواه أحمد عن ميمون بن مهران قال : ثلاثة لا تبلون نفسك بهم : لا تدخلن على ذي سلطان وإن قلت : آمره بطاعة الله ، ولا تخلون بامرأة وإن قلت : أعلمها كتاب الله ، ولا تصغين بسمعك لذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه .
.
.
المصدر : الآداب الشرعية » فصل انقباض العلماء المتقين من إتيان الأمراء والسلاطين صفحة 476 .

موقف شيخ الأزهر وموقف غيره من جوائز تمنح من الحكام ..............

- رفض خوان غويتيسولو ( م 1931 ) الأديب الاسباني المناصر لفلسطين رفض قبول جائزة القذافي العالمية للأدب ، لأنها تحمل إسم حاكم مستبد وديكتاتور .
- ورفض صنع الله إبراهيم جائزة القاهرة للإبداع الروائي لأنهم من نظام مبارك وقال أنه نظام شمولي يقيم علاقات مع إسرائيل .



- وقبل أحمد الطيب شيخ الأزهر أن يأخذ جائزة مالية من حكام الإمارات .
.
قال سعيد بن المسيب : إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص .
وقال بعض السلف : إنك لن تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه .
وفيما رواه أحمد عن ميمون بن مهران قال : ثلاثة لا تبلون نفسك بهم : لا تدخلن على ذي سلطان وإن قلت : آمره بطاعة الله ، ولا تخلون بامرأة وإن قلت : أعلمها كتاب الله ، ولا تصغين بسمعك لذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه .
.
.
المصدر : الآداب الشرعية » فصل انقباض العلماء المتقين من إتيان الأمراء والسلاطين صفحة 476 .

السنباطي والمجرم إسماعيل صدقي باشا ..............

في أحدى حفلات معهد الموسيقى بالقاهرة في الخمسينات من القرن الماضي ، وبينما كان الملحن السنباطي يؤدي على العود بعض التقاسيم الموسيقية ، سرت همهمة بين الحضور ، وتوجهت الأنظار نحو الرجل الخطير الذي دخل القاعة مع حاشيته ، قبل أن يتوجه برفقة مدير المعهد نحو المقعد المخصص له .
لم يكن هذا الرجل الخطير سوى إسماعيل صدقي باشا ( 1875 – 1950 ) ، رئيس وزراء مصر آنذاك وجلادها ، والرجل الذي وقف وحده مع الإنجليز والملك ضد شعب مصر وأمانيه في الحرية والإستقلال ، وهو الذي قمع التظاهرات الشعبية والإضطرابات الطلابية بالرصاص ، واعتقل وزج بالمئات في السجون ، وكان مكروها من الشعب المصري بأسره .
لقد رأى السنباطي خلال لحظات لم تستمر طويلا في صورة هذا الرجل آلام الشعب كلها وكراهيته له .
رأى فيه الرصاص والاستبداد ، فلم يستطع الإستمرار في العزف ، إذ ما كاد إسماعيل صدقي باشا يتخذ مكانه في الصف الأول من القاعة ، ومن حوله حاشيته والمتزلفون له ، حتى قطع السنباطي العزف ، ونهض حاملا عوده بيمينه ، ثم قفز من على خشبة المسرح إلى القاعة ، أمام دهشة الحضور ، وغادر القاعة وهو يتمتم بكلمات مبتورة وغاضبة " ...... ده كلام .... أعزف للرجل ده .... " ولحق به المسؤولون عن المعهد لثنيه عن المغادرة ، ولكنه رفض وأصر على موقفه " .
وطبعا دفع السنباطي ثمن موقفه هذا عبر هجوم صحفي قاسي ضده وعدم تعاون شركات الاسطوانات معه والإذاعة قاطعت أعماله .

طبعا الحديث هنا للمقارنة بين مواقف بني مهنة السنباطي وقتها وبين نفس بني مهنته اليوم من الطغاة وجلادي الشعب والقتلة .
- وطبعا أنا أحاول تجاوز نقطة الموقف من الغناء والموسيقى إلى الموقف من الطغاة حيث أنها مواقف تحسب له كما يحسب عليه عمله بالغناء الذي ربما يكون تاب عنه قبل مماته أو غفر الله له ذنوبه بذاك الموقف المحترم وليس بكثير على الله تعالى الذي سبقت رحمته غضبه .
.
.
.

المصدر : كتاب " السنباطي ... تأليف السوري صميم الشريف صـــ 82 ، 83

مسلسل "إيزابيلا لاكاتوليكا" -إيزابيل الكاثوليكية وتزوير التاريخ ...............

تلفزيون أبو ظبي يشتري مسلسل أسباني إسمه "إيزابيلا لاكاتوليكا" -إيزابيل الكاثوليكية ويعرضه مدبلجا على التليفزيون باللهجة السورية .
- المسلسل إنتاج اسباني أنفق عليه ملايين الدولارات لتجميل الوجه القبيح لعنصرية أسبانيا وملوكها وقت سقوط الأندلس ولنشر صورة تجميلية لفترة محاكم التفتيش ومجازر إبادة المسلمين على يد إيزابيلا مناصفة مع الملك فرديناند زوجها المجرم .


- المسلسل يأتي في ظل هجمة إعلامية شرسة لتزوير التاريخ بدأت بمسلسل حريم السلطان وصولا لإيزابيلا وفرديناند بإجرامهما .
- ولا أدري من وراء وجود هذا المسلسل على تليفزيون عربي مسلم يمجد في تاريخ مجرمين أسبان على حساب دماء ضحايا المسلمين الأبرياء .
- هذه المجرمة الملطّخة يداها بدماء المسلمين الأندلسيين جمعت بين نجاستين -و العياذ بالله- نجاسة معنوية كمشركة و نجاسة حسية حيث لم تغتسل إلا مرة واحدة في حياتها و جعلت هذه المذمة مفخرة تتباهى بها.
- يقول العلامة الفهامة الإمام محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله في ترجمته لكتاب "مدنية المسلمين بإسبانيا" للعالم الأمريكي الشهير جوزيف ماك كيب في معرض كلامه عن إيزابيلا ملكة قشتالة: الصفحة 105. "إيزابيلا( Isabella (1451-1504 ملكة قشتالة. استولت على الملك سنة 1474م داهية مكارة متعصبة. بذلت جهدها في تجديد المحنة و تعذيب المسلمين و اليهود. و ارتكبت خطايا كثيرة باسم الدين. و أما أحوالها الخاصة فلم تكن مما تغبط عليه: لأنها كانت تفتخر بأنها لم تغتسل في حياتها إلا مرتين يوم ولادتها سنة 1451 و ليلة عرسها سنة 1469. و غسلت حين ماتت سنة 1504 فتمت لها الغسلة الثالثة و الحقيقة أنها لم تغتسل إلا مرة واحدة وهي في ليلة عرسها. لأن غسلها يوم ولادتها و غسلها يوم موتها ليس من عملها."
- الإمارات لها دور إعلامي مشبوه لا أفهمه بإذاعتها لذلك المسلسل الذي لا دور له إلا تزوير التاريخ وغسل العقل العربي المسلم وقتل روح الثأر والإنتقام وقتل عزيمة الشباب وروح الجهاد .
- فهل هناك تفسير ما نسمعه من قناة قناة أبوظبي لإذاعتها تلك المادة التي تهدم في المجتمع المسلم ولا تبني ؟

الأحد، 10 مايو 2015

لاجئ من أقصى الشمال… حينما انبهر ملك السويد بالحضارة العثمانية .....الكاتب : بلال الداهية


عرفت أوروبا خلال مطلع القرن الثامن عشر حربا عظمى مدمرة أطلق عليها اسم “حرب الشمال الكبرى”، وكان طرفاها الرئيسيان مملكة السويد وروسيا القيصرية، وقد امتدت من عام 1700 إلى 1721. وتعد هذه الحرب من بين أخطر الأحداث في التاريخ الأوروبي الحديث حيث أدت إلى تحطم الإمبراطورية السويدية وخروج السويد من مصاف الدول الكبرى في العالم، وإلى ظهور روسيا القيصرية لأول مرة في تاريخها كدولة قوية.
الانتصار العثماني على روسيا في بروث
وقد أثرت الدولة العثمانية بشكل مباشر في هذه الحرب حينما تدخل الجيش العثماني لإنقاذ ملك السويد في اللحظات الأخيرة، وأنزل بالجيش الروسي هزيمة منكرة قرب بروث سنة 1711، وقد لجأ ملك السويد كارل الثاني عشر لدى العثمانيين لمدة ست سنوات، وسنحاول في هذا المقال الموجز التعرف على ظروف لجوء ملك السويد وعلى أحداث الحرب العثمانية الروسية، وعلى ارتسامات الملك السويدي حول إقامته في اسطنبول وأدرنة.
بطرس الأكبر قيصر روسيا
حرب الشمال الكبرى:
تعود جذور الحرب الشمالية الكبرى إلى الصراع بين السويد التي كانت آنذاك القوة العظمى المهيمنة على بحر البلطيق، وبين أعدائها الخمسة الرئيسيين: مملكة بولونيا، وروسيا القيصرية، واتحاد الدانمارك – النرويج وإمارة سكسونيا ومعها إمارة هانوفر، ثم مملكة بروسيا. فبالنسبة لبولونيا فقد كانت تعتبر نفسها صاحبة الحقوق التاريخية في منطقة بحر البلطيق، خصوصا وأنها تشكل اتحادا فيديراليا مع ليتوانيا في دولة واحدة، وأما روسيا فقد كانت بزعامة القيصر بطرس الأكبر تطمع في الوصول إلى السواحل البحرية، وترغب في التخلص من عقدة الدونية التي كانت تعامل بها من طرف السويد والعثمانيين والنمسا، حيث كانت هذه الأطراف الثلاثة تعتبرها مجرد دولة صغيرة لا غير. أما الدانمارك وساكسونيا ودولة هانوفر في الشمال الألماني، فقد كانت كلها تصارع السويد على بعض المناطق الاستراتيجية أبرزها مناطق الشالزفيغ وغوتروب والهولشتاين، وكذلك النرويج التي كانت محلا للنزاع السويدي – الدانماركي. ونازعت بروسيا المملكة السويدية على ميناء براندنبورغ على بحر البلطيق.

قدات كل الدول المتحالفة حملة مشتركة على منطقة الهولشتاين وغوتروب التابعة للسويد سنة 1700، إلا أن الجيش السويدي تمكن من دحر الحلفاء، فهزم الدانماركيين في معركة ترافيندال، وتمكن من طرد البولونيين إلى بلادهم، وأنزل بالقيصر الروسي هزيمة منكرة في نارفا (إستونيا حاليا).
وتابع الملك السويدي كارل الثاني عشر الملقب ب”المحارب” الحرب ضد أعدائه حيث تمكن من دخول بولونيا وعزل ملكها أغسطس الأول وتم تعيين الأمير ستانيسلاف ليتشينسكي مكانه سنة 1704.
أما القيصر الروسي بطرس الأكبر فلم يسكت عن الهزيمة التي لحقت به، وتجمع المرويات التاريخية على كون ملك السويد قد أخطأ خطأ فادحا حينما ترك بطرس يفر بمن بقي من جيشه من معركة نارفا، مرددا عبارة “الروس أصغر من أهتم بشأنهم”، وبعد أشهر طويلة من التدريب، بدأ القيصر الروسي في إرسال غارات متكررة على السويد، لكن القوات السويدية تمكنت من ردها، وأمام تعنت الروس، قرر كارل الثاني عشر التحرك في حملة عسكرية ضخمة على روسيا انطلاقا من الأراضي البولونية.
كارل الثاني عشر لاجئا على حدود الدولة العثمانية:
عبر ملك السويد نهر فيستولا في يناير 1708 بجيش من حوالي 44 ألف مقاتل، ليغزو روسيا في عقر دارها، وبعد عدة معارك صغيرة تمكن السويديون من الانتصار فيها في غرودنو وغولوفتشين وديسنا وغيرها، حدث الالتحام الأكبر في مدينة بولتافا الأوكرانية.

تعرض السويديون لهزيمة ساحقة في معركة بولتافا في يوليوز 1709 حيث كان الجيش الروسي يفوقهم بأضعاف من حيث العدد، وكان مجهزا بشكل أفضل بكثير ومستعدا لمعركة تدور في أرض يعرفها جيدا.
يقول الملك كارل في مذكراته عن المعركة: “كان أمامنا الآلآف من الجنود الروس لكن الجنود السويديون تحركوا بشجاعة وبسالة نادرة وأتجهوا إلى الأمام متحدين الرصاص المنبعث من البنادق الروسية. كذلك الصراخ والأندفاع خرج من الجانب الروسي وفي أذهانهم الموت أو الحياة… كانت النقالة التي تحملني قد تكسرت. لكن أحدهم ساعدني ووضعني على الحصان. خلال لحظات.. مات الحصان الذي كان يحملني… خلال هذا الوقت أستطاع الجيش الروسي أن يحاصرالجيش السويدي وراح فينا الطعن والقتل.. الآلآف ماتوا في المذبحة. المذبحة أستمرت ساعات. سقط مثلها من الضحايا في الجانب الأخرفي الوقت نفسه… في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر.. كان كل شيء قد أنتهى: الجيش الروسي حسم المعركة وأنتصر.. بينما أنا خسرت!
كنت مجروحاً، يجب أن أحمل على نقالة.. قبل لحظات. كان لدي الآف الجنود. بينما الأن لدي بضعة مئات يحاولون أن يخلصوا بجلودهم قبل أن يقعوا بالأسربيد بطرس روسيا الكبر.حاولت مع جنودي أن نتجه إلى تركيا التي كانت في حالة عداء وحرب مع روسيا. نتجه إلى مدينة صغيرة أسمها بيندر”.
مدينة بيندير المولدافية
الحرب العثمانية الروسية ومعركة بروت:
قرر كارل الثاني عشر اللجوء إلى الدولة العثمانية واستقر في مدينة بيندير الصغيرة في مولدافيا الحالية، وصحبه معظم من نجا معه من معركة بولتافا، وقد رحب السلطان أحمد الثالث أولا بملك السويد، الذي حاول جر العثمانيين إلى محاربة روسيا، ولكن الوزير نعمان باشا كوبرولو رفض مقترح الملك السويدي، وأشار على السلطان أحمد الثالث بعدم إقحام الدولة العثمانية في حرب لا تعني لها شيئا.

ولكن الصدر الأعظم ما لبث أن عزل وولي مكانه بلطجي محمد باشا، وقد استغل الجانب العثماني تجاوز الروس للحدود بين الدولتين لملاحقة الملك كارل وجنوده، فأعلنت الدولة العثمانية الحرب على روسيا في أواخر سنة 1710.
خرج بلطجي باشا من اسطنبول لقتال الروس والتقى الجمعان على نهر بروت في شمال مولدافيا الحالية، وكان بطرس الأكبر يقود الجيش الروسي بنفسه، وتمكن العثمانيون من سحق الروس، وحاصروهم حصارا شديدا في قلعة ياشي، واضطر القيصر إلى الاستسلام وطلب الهدنة من العثمانيين في أوائل سنة 1711.
وافق العثمانيون على إجراء الهدنة التي نصت على انسحاب روسيا إلى ما وراء نهر دنيبر وإعادة ما كانت روسيا قد أخذته في معاهدة كارلوفيتز سابقا، وأن تدفع غرامة حربية للدولة العثمانية، وأن تتعهد بالكف عن ملاحقة الملك كارل الثاني عشر ملك السويد.
معركة بروت في رسم فنان بريطاني في منتصف القرن الثامن عشر
ملك السويد يقيم داخل الأراضي العثمانية لمدة ست سنوات:
أقام الملك كارل في بلدة بيندير ببلاد البغدان بإذن السلطان أحمد الثالث، وقد أذن السلطان العثماني أيضا للملك بإقامة تجمع سكاني صغير هناك يضم كل اللاجئين السويديين الذين رافقوا كارل، بشرط أن يؤدي الملك نفقات إقامته، ونتيجة لذلك لقبه العثمانيون ب”دميرباش” Demirbaş أي “الرأس الحديدي”، ورغم ما في اللقب من التهكم والاستهزاء فقد قبل ملك السويد به مبدئيا، وعين السلطان أحمد طبيبا يهوديا برتغاليا لعلاج الملك الذي كان يعاني من جرح بليغ جعل حرارته ترتفع باستمرار.

سمى الملك مدينته الجديدة التي بناها داخل أراضي الدولة العثمانية ب”كارلشتاد” Karlstad وقد بدأ هذا التجمع السكاني يكبر شيئا فشيئا، وأصبح عدد السويديين داخله مهولا، خصوصا وأن الملك كارل شرع في افتكاك أسراه لدى روسيا والذين قدروا بعشرات الألوف، وتوطينهم معه في المدينة الجديدة.
بدأ السلطان أحمد الثالث يتضايق من إقامة ملك السويد قرب بيندير، وحينما تكررت الشكاوى من تجار وأهالي المدينة حول اختلاس السويديين للأموال، وعدم تسديدهم للأموال التي اقترضوها من تجار المدينة، إضافة إلى ما تنهى إلى مسامعه من مؤامرات يحيكها ملك السويد داخل البلاط العثماني نفسه، قرر نقل كارل إلى أدرنة، فهاجت العامة ومعها عساكر الانكشارية، وهاجمت مقر إقامة الملك كارل وأتباعه وقامت بتخريبه، وقد أصدر السلطان أوامره إلى الانكشارية بعدم قتل الملك، والاكتفاء باعتقاله، مطلقا عبارته الشهيرة: “علينا إكرام الضيف وإن كان كافرا”.
وهكذا نقل الملك كارل الثاني عشر إلى أدرنة، ووضع تحت الإقامة الجبرية، ومن هناك بقي يسير مملكته عبر إرسال السعاة الذين لم يكونوا يتوقفون نهائيا ذهابا وإيابا بين الأراضي العثمانية والسويد. ونقل بعد ذلك إلى إقامة جبرية جديدة في العاصمة اسطنبول، حيث اجتمع مباشرة بالسلطان أحمد الثالث، ودرس الملك السويدي هناك الجغرافيا والبحرية والهندسة، واطلع على مظاهر التفوق العسكرية والتقني والعلمي العثماني.
وحينما طلب السلطان أحمد من ملك السويد الرحيل إلى بلاده، تلكأ هذا الأخير وماطل، وبقي يتظاهر بالمرض لمدة عشرة أشهر، وفي نهاية عام 1714 رحل إلى السويد بعد أن تلقى تهديدات بخلعه عن العرش حاملا معه كتاب حماية من السلطان العثماني، يمنع أي دولة أوروبية من التعرض إليه، وقد تمكن كارل من الوصول إلى بلاده في ظرف أسبوعين فقط في إحدى أسرع الرحلات في التاريخ الحديث.
Karl_(Charles)_XII_of_Swede
انبهار كارل الثاني عشر بالدولة العثمانية:
درس ملك السويد الكثير من العلوم أثناء إقامته في اسطنبول واطلع على الثقافة والعلوم والمعمار العثماني، وقد تعلم السويديون على سبيل المثال طريقة إعداد الطعام العثماني حيث أعجبوا به، فهناك مثلاً (دولمه)، وهو طعام محشو بالخضروات، وحلوى الفاكهة والقهوة، وهذه الأطباق الثلاثة تعد أساسية الآن في المطبخ السويدي ولكنها لم تدخله إلا مع لجوء الملك كارل إلى بلاد الأتراك. وهناك أيضاً مفردات من مثل (Sofa)، أي كنبة، و(Kisok) أي كشك، و(Divan) أي ديوان، و(Kalabalik) أي مشاجرة، وهي ألفاظ انتقلت إلى اللغة السويدية لأول مرة بعد هذه الحادثة، فبخصوص عبارة كالاباليك التي لا زالت تستخدم إلى حد الآن، فقد اقتبسها السويديون من هجوم الغوغاء والانكشارية على قصر الملك كارل أثناء إقامته في بيندير.

وقد أعجب كارل الثاني عشر بشكل خاص بتخطيط المدن العثماني، وبمجرد عودته إلى بلده السويد، حمل مساعديه على إقامة حدائق وفقاً للنموذج القائم في إسطنبول، كما أُطلق على اثنتين من السفن الحربية التابعة للملك اسمي “يلدرم” أي “الصاعقة” و”ياراماز” أي “المتمردة” أو “المارقة” وفق الألفاظ التركية. ومن الأشياء التي تعلمها كارل الثاني عشر أثناء إقامته نجد لعبة الشطرنج، حيث جلب هذه الرياضة لضباطه في السويد. وفي ذلك الحين، وخلال إقامته في الإمبراطورية العثمانية، أمر كارل الثاني عشر بإرسال بعثة علمية إلى العالم الإسلامي. تحت قيادة الجنرال كورنيليوس لووس.
لقد حافظ كارل الثاني عشر على اهتمامه بالعالم الإسلامي بعد عام 1714م. وبعد عودته إلى السويد حافظ الملك السويدي على علاقاته الحسنة بالإمبراطورية العثمانية من خلال القنوات الدبلوماسية. وتكشف الوثائق أن الإمبراطورية العثمانية دعمت السويديين مرات عديدة بمبالغ كبيرة، ولم يتمكن السويديون من تسديدها، مع قيامهم ببعض المحاولات من خلال إرسال الأسلحة والسفن إلى السلطان العثماني.
وتضمنت بعض هدايا الإمبراطورية العثمانية إلى الملك السويدي مجموعات من الإبل يصحبها رعاتها، وقد وضعت في قصر الملك. كما أن الملك كارل الثاني عشر أقام في قصره مجموعة من الطباخين العثمانيين نظرا لإعجابه الشديد بالمائدة التركية.
تمثل إذن إقامة كارل الثاني عشر في الدولة العثمانية لمدة ست سنوات حدثا فريدا في التاريخ العثماني، كما تبرز لنا الوجه الآخر للحضارة العثمانية في فترة كانت لا تزال فيها تتسيد العالم وتفرض نفسها على الأوروبيين الذين لم يستطيعوا إخفاء إعجابهم بها، بل وسعى الكثير منهم إلى تقليدها ومحاكاتها كما رأينا في هذا المقال.
..
صفحة الرشيف العثماني 
رابط :  http://www.ottomanarchives.info/2015/05/10/%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D8%A8%D9%87%D8%B1-%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84/#.VU-4cCt_cP4.twitter

الخميس، 7 مايو 2015

أكبر سرقة في تاريخ كوكب الأرض


ملف خاص نشرته جريدة المستقبل العراقي في 24/5/2012
كلما تناولت وسائل الإعلام مواضيع السرقات الدولية الكبرى, تتبادر إلى الأذهان قصص الأموال والأرصدة المسروقة من البنوك والمصارف, وحكايات الكنوز المنهوبة, والنفائس من المقتنيات الذهبية والفضية, واللوحات والقطع الفنية التي رسمها كبار الفنانين, وربما يشطح الخيال نحو المجوهرات والأحجار الكريمة, أو القطع الأثرية النادرة. .
سنتحدث هنا ولأول مرة عن سرقة كونية كبرى لم تخطر على بال أحد, ولم تتناولها وسائل الإعلام قبل هذا التاريخ, ولم يكتب عنها باحث أو متخصص, ولم تحتفظ ذاكرة التاريخ بأي أوراق تحقيقية عن حيثيات الحادث وملابساته, على الرغم من حجم هذه السرقة وأهميتها العظمى, وعلى الرغم من النتائج السلبية, التي آلت إليها بعد بضعة أعوام من وقوعها, حتى إنها تركت آثارها على الجهة التي تعرضت للسرقة, في الوقت الذي انتفع منها السارق, واستثمرها لحسابه حتى يومنا هذا. .
نبدأ بسرد حكايتنا من اليوم الذي وصلت فيه سفن المغامر الايطالي (كرستوفر كولومبس) إلى السواحل الامريكية, ورست على جزر الكاريبي في الثاني عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1492. .
في تلك السنة سقطت غرناطة, آخر قلاع ملوك الطوائف, وفي تلك السنة انتهى حكم العرب في بلاد الأندلس. .
بمعنى إن كولومبس انطلق من مرفأ (دلبة), أو (بالوس) في الوقت الذي كانت فيه السلطة العربية لم تزل تبسط نفوذها على المواقع الحساسة من الأندلس, وإنها كانت قبل عشرة أعوام من تلك الرحلة بكامل قوتها, وكانت تدير بعض الموانئ والمرافئ الغربية المطلة على المحيط الأطلسي, وتفرض سيطرتها على حركة السفن القادمة والمغادرة, ومن المؤكد إن الدولة العربية في الأندلس كانت تمثل بوابة النهضة الملاحية, ففي الوقت الذي كانت فيه الموانئ الأوربية تمر بأتعس ظروفها, كانت مرافئ قرطبة أجمل بكثير من مرافئ لندن, وكان الملاحون العرب والبربر والأتراك أصحاب الريادة في الفنون الملاحية والعلوم الفلكية, ولوعدنا إلى الوراء وعلى وجه التحديد إلى القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) لاكتشفنا كيف اعتمد الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله (عبد الرحمن الثالث) على مواهب (حسداي ابن شفروط), الذي كلفه بوضع الحجر الأساس للنهضة العلمية والملاحية, وكيف استطاع هذا الرجل الذي يجيد اللغات (العربية والعبرية والآرامية واليونانية واللاتينية) أن يجمع أساتذة الملاحة والجغرافية والفلك في كيان مينائي موحد, فسخر مواهبهم كلها في توسيع نطاق الرحلات البحرية, فقام برسم المسالك البعيدة, وتثبتها في خرائط ملونة, اشتملت على أدق التفاصيل, واشرف (حسداي) بنفسه على ميناء قرطبة, حتى صارت قرطبة مركزا كبيرا قادرا على استقطاب علماء الملاحة والفلك من كل حدب وصوب, فاستفادت من مواهبهم الجغرافية, ومن تجاربهم العملية في عرض البحر, فكانت قرطبة هي الينبوع الذي استقت منه الموانئ الأندلسية الأخرى فنونها, واستمدت منه مقومات نموها. .
وجد ملوك الأندلس أنفسهم في أمس الحاجة إلى رعاية المواهب الملاحية وتشجيعها, وكانوا في أمس الحاجة إلى تطوير صناعة السفن بالاتجاه الذي يعزز حركة النهوض بالأسطول البحري العربي في حوض البحر الأبيض المتوسط, وفي حوض المحيط الأطلسي, فصارت (الملاحة) شعارا ورمزا وأيقونة, حتى  إن إحدى قرى غرناطة كان اسمها (الملاحة), وإليها ينتسب العالم البارع (أبو القاسم محمد الغافقي الأندلسي الملاحي). .
ولادة فكرة السرقة الكبرى
أدركت التجمعات الأوربية (العلمية والدينية) في القرن الرابع عشر الميلادي إن الخرائط والجداول والمعدات الملاحية التي كانت بحوزة العرب والمسلمين هي المفاتيح السحرية التي ستفتح لهم أبواب التوسع والانتشار في بحار الله الواسعة, وهي التي ستفك شفرة الألغاز الفلكية والحسابية, فولدت فكرة الاستيلاء على الإرث الملاحي العربي الإسلامي, وكانت هذه الفكرة هي الحافز الذي شجع رجال الكنيسة إلى إقناع الملوك والأمراء في (قشتالة), و(أراغون), فزحف الملك (فرديناند الثالث) نحو المدن الأندلسية المينائية, وزحف الملك (جايم الأول) على المدن الداخلية, فاسقطوا مدن بلنسية وقرطبة ومرسية وأشبيلية, واستولوا على الخرائط والمعدات والجداول الملاحية, ووضعوا أيديهم على السفن الكبيرة, وعدوها من الغنائم, وغيروا أسمائها على الفور. .
أصبح الحكم الإسلامي محصورا في غرناطة, والتي استطاعت لمناعتها, وحصانة موقعها أن تقاوم الزحف, فوحدت مملكة (أراغون) صفوفها مع إيزابيلا ملكة قشتالة في الهجوم الكاسح ضد غرناطة في معركة (لوشة) الكبرى, وكان الفارس العربي (موسى بن أبي الغسان) آخر المدافعين عنها, فشن الملك (فرديناند) معركة (الإيمان المقدس), التي سقط فيها موسى شهيدا خارج أسوار غرناطة, واستسلم المسلمون أمام هذا الغزو الجبار, وأصبح التراث البحري والعلمي كله بيد (فرديناند) و(إيزابيلا). . 
الريادة في العلوم البحرية والملاحية
كان البحر بستان الملاحين العرب, وملعبهم, ومؤنسهم, ومدرستهم, وملاذهم. وكان مقبرتهم الأبدية. ومازالت بصماتهم مطبوعة في ذاكرة الجزر النائية, منقوشة على المسطحات البحرية المترامية الأطراف, تنتظر من يرفع الغطاء عنها, ويفك رموزها, فحققوا مكانة عالمية متميزة في المهارات الملاحية المكتسبة بالفطرة, إضافة إلى ما يكتنزون من مواهب طبيعية, وما يحتفظون به من معارف موروثة. وتفوقوا في هندسة بناء السفن الشراعية. وكانوا أول من تعلم ركوب الماء, وكانت لهم الريادة في تهذيب الإسطرلاب وتطويره, وابتكروا آلة الكمال (آلة السدس Sextant), واخترعوا البوصلة المغناطيسية, وهم أول من جزأها إلى اثنين وثلاثين جزءاً, وأول من استخدم الساعة المائية في الملاحة, ويعود لهم الفضل في رسم الخرائط الملاحية, وتثبيت الملامح الساحلية, وتوزيع خطوط العرض والطول.
كان الأندلسيون أسياد الملاحة في المحيط الأطلسي بلا منازع, وكانت سفنهم من أكثر السفن إثارة للإعجاب, وكانت تظهر مستوى عال من المهارة ودقة الصنعة, واستطاعوا أن يبسطوا نفوذهم الملاحي على الجزر التي سنأتي على ذكرها هنا.
برع الأندلسيون أيضا في رسم الخرائط الجغرافية, واهتموا بتوضيح المسالك البحرية. كانت أشهرها الخارطة, التي رسمها الإدريسي. وصنع بجوارها كرة أرضية من الفضة. وهو أول من رسم خارطة كاملة للأرض. .
أول من أكتشف أمريكا
مما لا ريب فيه إن المسلمين والعرب وصلوا إلى السواحل الامريكية قبل كريستوفر كولومبس بمئات السنين, وان تسجيل ذلك الاكتشاف باسم كولومبس لا يلغي حق رواد الملاحة العربية, الذين غامروا بعبور الأطلسي, واستقروا في الأرض الجديدة.
فقد تحدث (أحمد بن فضل الله العمري), في كتابه ( مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ) عن وجود أرض عامرة وديار مسكونة, لكنها غير معلنة. تقع خلف بحر الظلمات (المحيط الأطلسي). وقد عاش (إبن فضل الله) قبل كولومبس بقرنين على أقل تقدير. .
وتحدث المؤرخ (أبو بكر بن عمر) عن ملاح عربي آخر, هو (ابن فاروق) من غرناطة, أبحر من ميناء قادس ( Kadesh ) في بداية شهر فبراير (شباط) من عام 999, وتوغل في بحر الظلمات حتى وصل إلى جزر الكناري, ثم واصل مساره في الاتجاه الغربي حتى وصل إلى جزيرتين نائيتين, هما جزيرة (Capraria), وجزيرة (Pluitana), وعاد من رحلته في نهاية مايو (أيار) من العام نفسه. .
وذكر المسعودي في مروج الذهب. إن الملاح العربي (خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي) أبحر من الأندلس متوجها نحو الغرب في العام الهجري (889) الموافق عام (1484), وقطع بحر الظلمات (الأطلسي), ووصل بعد عناء ومشقة إلى أرض مجهولة, عاد منها محملا بالذهب والغنائم. وقد أشار المسعودي إلى موقع تلك الأرض, وثبتها في الخارطة, التي رسمها المسعودي نفسه. وكتب عليها عبارة (الأرض المجهولة). وهي في موضع قارة أمريكا. .
وتحدث الإدريسي أيضا عن رحلة استكشافية بحرية قام بها مجموعة من الملاحين العرب.  انطلقوا غربا من ميناء (دلبة) في الأندلس, واقتحموا المحيط الأطلسي, ثم عادوا بعد أشهر, وراحوا يقصّون للناس مشاهداتهم المثيرة عن عالم غريب. .
وتعترف المراكز الملاحية الأسبانية اليوم. بأن العرب المنحدرين من أصول مغربية, أبحروا من ميناء (دلبة) الأسباني (بالوس Palos) في منتصف القرن العاشر الميلادي, وعبروا بحر الظلمات (الأطلسي) متجهين بسفنهم نحو الغرب, ثم عادوا بعد غياب طويل ليحكوا للناس عن مشاهداتهم في الأرض العجيبة الواقعة غرب المحيط. .
وكان الأندلسيون يحلمون بالسفر بحرا إلى تلك الجزر النائية. وهذا ما شجع العرب على الفرار بسفنهم بعد سقوط غرناطة عام 1492, والمجازفة بعبور الأطلسي. بحثا عن الملاذ الآمن وخوفا من الموت المحتوم, الذي كان يطاردهم في الأندلس. واستمرت هجرة عرب الأندلس إلى الأرض الجديدة. الأمر الذي دفع ملك اسبانيا إلى إصدار قرار جائر منع بموجبه تلك الهجرة, وحرمها على المسلمين. .
كولومبس يقتل الونزو ويسرق خرائطه
تذكر المراجع البرتغالية. إن كولومبس كان يقيم في جزيرة (ماديرا Madeira ). وفي عام 1486 أصابت الأعاصير سفينة اسبانية, وأغرقتها في عرض البحر. ولم ينج منها إلا خمسة من بحارتها. من ضمنهم ربانها (Alonso Sanchez ). وشاءت الظروف أن يلجأ ربان السفينة المنكوبة إلى منزل كولومبس, وبحوزته سجل السفينة, وخرائطها الملاحية المقتبسة من الخرائط العربية, التي رسمها الملاح (خشخاش بن سعيد), وكانت تلك الخرائط تغطي أهم مسالك المحيط الأطلسي. وتعد من الوثائق السرية النادرة. فغدر كولومبس بالربان المفجوع, وقتله وأستحوذ على خرائطه. .
وغامر كولومبس بعبور الأطلسي مستعينا بالخرائط الملاحية العربية المسروقة, ومتسلحا بالمفاهيم والمعارف الجغرافية العربية. ويبدو إنه كان مؤمناً بنظرية (كروية الأرض) للعالم الجغرافي الأندلسي (أبو عبد الله البكري). وهي النظرية, التي قادته لمحاول الوصول نحو الشرق بالسير غربا. خلافا لرأي الكنيسة المتشدد آنذاك, والقائل بأن الأرض مسطحة, وأن الأيمان بكرويتها كفر أودى ذات يوم بحياة كوبرنيكس, وعرّض غاليلو للتعذيب.
وكان كولمبس مدركاً لحسابات العالم العربي (أبو الفداء), الذي توسع في شرح نظرية كروية الأرض, وبين اختلاف التوقيتات الزمنية في شروق وغروب الكواكب من مكان إلى آخر. واستعان أيضا بتطبيقات خطوط الطول والعرض, التي توصل إليها (أحمد بن محمد المقدسي), وتطبيقات (البيروني) على دوائر العرض بالاعتماد على رصد زوايا النجوم. .
بمعنى إن كولومبس اعتمد اعتمادا كليا على الخرائط العربية المسروقة, فرسم مسار رحلته الملاحية في حدود الإطار المعرفي, الذي وفرته له تلك الخرائط الأندلسية. فتمكن من الانطلاق نحو الغرب معتمدا على أسس واقعية ومنطقية صاغتها العبقرية العربية. وكان ثلث بحارته من الملاحين العرب. .
وفي شباط (فبراير) من عام 1988 أقيم في غرناطة باسبانيا مهرجان كبير بمناسبة مرور خمسة قرون على تسجيل اكتشاف قارة أمريكا, تحدث فيه علماء التاريخ والجغرافيا عن اعتماد كولومبس على الخرائط الملاحية العربية والإسلامية في عبور الأطلسي, وأكدوا على استعانته بالمراجع العربية, وقالوا: انه رجع إلى الكثير من المؤلفات العربية التي تُرجمت إلى اللغة الاسبانية آنذاك, منها كتاب (مروج الذهب) للمسعودي, وكتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للإدريسي, وهو الذي رسم مشاهداته على كرة من الفضة للملك روجيه الثاني, عندما دعاه لزيارة صقلية, وكتاب (تقويم البلدان) لعماد الدين إسماعيل أبي الفداء, واجمع المشاركون في الحفل على أن كولومبس زود سفنه بعدد من الآلات البحرية والفلكية العربية الأصل مثل البوصلات العربية والإسطرلابات وآلات الكمال (ألة السدس). .
وقال الملاح التركي الكبير (الرئيس برّي) في (كتاب البحرية): إن قارة أنتيليا (ويقصد أمريكا) اكتشفت عام 1465, أي قبل وصول كولومبس بأكثر من ربع قرن, ونقل في كتابه عن (رودريكو) وهو رجل برتغالي, عمل في خدمة عم برّي (الرئيس كمال), انه رافق كولومبو (يقصد كولومبس) في رحلته إلى أنتيليا, وكانت بحوزته خرائط أندلسية وعثمانية, وقال انه وقف يتوسط بين كولومبو وبحارته الذين أعلنوا العصيان, وأرادوا الاعتداء عليه بعد اليأس الذي أصابهم في البحث عن القارة الجديدة, وقال إن كولومبو قال لهم: (أثق إننا لابد أن نصل هنا إلى الأرض التي نبحث عنها, لأن البحارة الأندلسيين والعثمانيين لا يكذبون), وبالفعل, عثرنا على الأرض الجديدة بعد ثلاثة أيام من ذلك التصريح. .
إخوان هاني في بحر الظلمات
صرح كولومبس بنفسه بأن اللغة العربية هي أم اللغات, وهذا يفسر حرصه على اصطحاب البحّار ( Luis de Torres ), الذي كان يجيد العربية والأسبانية, فقد ظلت اللغة العربية تتربع على منصة العلوم والفنون والآداب, في عموم بلدان العالم المتحضر, للفترة من القرن الثامن إلى القرن السادس عشر الميلادي. وكانت معظم الخرائط والجداول الملاحية مكتوبة باللغة العربية,  ومن الواضح إنه اقتفى أثر (خشخاش بن سعيد) و(ابن فاروق), وسار على نهجهم, إذ اختار ميناء (دلبة) للانطلاق في رحلته نحو الغرب. وتوجه إلى جزر الكناري. وكانت تسمى (Gomera ). وهو اسم عربي يعني ( جميرة, تصغير جمرة ). وفي هذه الجزر وقع كولومبس في حب (Beatriz Bobadilla ). ونلاحظ هنا أن اسم (Bobadilla  مشتق من الاسم العربي ( أبو عبد الله Abouabdilla ) . .
وفي الثاني عشر من أكتوبر(تشرين الأول) عام 1492 رست سفن كولومبس على ساحل جزيرة صغيرة تابعة للبهاما, اسمها ( Guanahani ). وهو اسم آخر مشتق من العبارة العربية, ويعني (إخوان هاني ). فبادر إلى تغيير اسمها إلى (سان سلفادور San Salvador). .
وقال (فرديناند), نجل كولومبس : أخبرني أبي. إنه وجد قبائل من أصول أفريقية تقطن في الهندوراس. وذلك إلى الشرق من ((Cavinas. وأخبره أيضا. إنه وجد في الموقع نفسه قبائل مسلمة تدعى (Almamy). أو (Al-Imam ), وهذه الرواية لا تحتاج إلى تعليق. ومن المرجح إن تلك القبائل تعرضت إلى الإبادة الجماعية. .
ويكشف لنا أستاذ اللسانيات في جامعة هارفارد. البروفسور (Leo Weiner ), في كتابه ( أفريقيا واكتشاف أمريكا ), المنشور عام 1920, عن حقائق مثيرة. تثبت الوجود العربي الإسلامي في أمريكا قبل كولومبس. وأشار إلى شيوع مفردات عربية كثيرة في لهجات الهنود الحمر. تؤكد على وجود صلات عرقية بين القبائل الموريتانية والمغربية من جهة, وقبائل الهنود الحمر من جهة أخرى. .
خرائط الريس بيري كشفت زيف كولومبس
أذهل الملاح التركي (الرئيس برّي) العالم كله بخارطتين متهالكتين مرسومتين بتسعة ألوان على جلد الغزال للشواطئ الغربية لإفريقيا, والشواطئ الشرقية للأمريكيتين, والحدود الشمالية لليابسة في القارة القطبية الجنوبية (انتاركتيكا). قال عنها مدير مركز الأرصاد في (ويستون): ((إن خرائط الرئيس برّي المرسومة عام 1513 صحيحة بدرجة تذهل العقول, لأنها تُظهر بوضوح أماكن لم يكتشفها الإنسان في ذلك الزمان, ومما يبعث على الحيرة انه رسم جبال القارة القطبية الجنوبية ووديانها, في حين لم تتوصل المراكز الجغرافية المعاصرة إلى رسمها إلا بعد عام 1952, وذلك بعد ان تسلحت بأحدث تقنيات المسح الزلزالي, ومما زاد الأمر حيرة إن الصور التي التقطتها المركبات الفضائية للقارة القطبية الجنوبية جاءت مطابقة لخرائط الرئيس برّي)). .
والشيء نفسه يقال للحدود الشرقي في القارتين الأمريكيتين, التي جاءت مطابقة تماما مع الحدود التي بينتها صور الأقمار الصناعية لتلك السواحل, ما تسبب بإحراج علماء الجغرافيا, لأن كولومبس لم يصل إلى تلك السواحل, ولم يتعرف عليها أبدا, ولم تكن لدية القدرة على رسم الخرائط بهذا المستوى المذهل, والحقيقة التي لابد من الاعتراف بها, هي إن العرب والمسلمين كانوا يصولون ويجولون في تلك السواحل, ويترددون عليها في أوقات غير منتظمة, وإن كولومبس سرق خرائطهم الملاحية وسلك المسالك التي سلكوها قبله, وان التراث البحري الأندلسي والعثماني كان هو الكنز الذي تعرض للسطو, وهو المفتاح الذي استعملته أوربا في حل شفرة المسالك الملاحية المخيفة.
 سرقة مفاتيح المسالك الخليجية
بعد ستة سنوات من سقوط الدولة العربية في الأندلس, وعلى وجه التحديد في عام 1498 كانت طلائع سفن البرتغالي فاسكو دي غاما تقف خارج بوابة مضيق هرمز, لتضع يدها على الكنوز الملاحية الخليجية, وتسرق مفاتيح المحيط الهندي من خزانة العرب, ولم تمض بضعة أشهر على تجوالها في بحر العرب وخليج عمان حتى أصبحت خرائط (شهاب الدين أحمد بن ماجد) في حوزة البرتغاليين.
كان ابن ماجد من أشهر الملاحين العرب, فهو أسد البحر, وشيخ الملاحين والمرشدين, وواضع أسس النظريات الملاحية الحديثة, التي جسدت رؤية الجغرافيين القدامى. وهو مبتكر المصطلحات العربية في شتى العلوم والفنون البحرية, وصاحب الاختراعات والكتب والأراجيز, التي أعتبرها الغرب ثروة لا تقدر بثمن. وأشهر مؤلفاته : كتاب (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد). .
ابتدع ابن ماجد قياسات ملاحية جديدة لم يسبقه إليها أحد, واستطاع أن يحدد مواقع الجزر, والبلدان, والسواحل, ومطالع النجوم. وقام بشرح المسالك البحرية في المحيط الهندي. وتعمد تدوين علومه البحرية على شكل أراجيز شعرية مبسطة, حتى يسهل حفظها وتناقلها بين رجال البحر, وبلغت أراجيزه حوالي أربعين ارجوزة في مختلف المواضيع. .
وجد (دي غاما) ضالته في علوم ابن ماجد فسرقها كلها, وغدر بصاحبها, ورماه في البحر, ونقل كنوزه المعرفية إلى البرتغال. فاكتملت فصول أكبر سرقة علمية في تاريخ كوكب الأرض, ووقعت كنوز البحار والمحيطات والجزر والقارات بيد الأساطيل الاسبانية والبرتغالية, ثم تبعتها الأساطيل البريطانية والفرنسية والهولندية, وبدأت أولى مراحل الاستعمار الغربي التي غيرت وجه العالم في كل الاتجاهات. .
ختاما نقول: من كان يصدق إن البصرة ستسقط بيد الجيوش الغربية بعد سقوط غرناطة بستة أعوام فقط ؟, ومن كان يصدق إن الكنوز الملاحية التي وقعت بيد الغزاة هي التي ستفتح لهم مغاليق البحار والخلجان ؟. ومن كان يصدق إن الخرائط الملاحية المرسومة على جلد الغزال ستصبح هي القشة التي تقصم ظهر البلدان العربية من مضيق جبل طارق إلى مضيق هرمز ؟؟, ومن يصدق إن جهل الحكومات العربية بالأمور البحرية كلفها الكثير من الخسائر, وسيكلفها المزيد من التنازلات في السنوات القادمة ؟؟, ومن يصدق إننا مازلنا حتى يومنا هذا ندفع فواتير الهفوات الأندلسية القديمة التي ارتكبها ملوك الطوائف ؟؟, ومن يصدق ان أحفاد ملوك الطوائف هم الذين باعوا اليوم الثروات العربية كلها بثمن بخس ووضعوها في خدمة أساطيل الناتو وفرقاطات البنتاغون وغواصاتهم النووية ؟؟؟. .
.
.
 
كاظم فنجان الحمامي

الاثنين، 4 مايو 2015

مسلمو قبرص


media//cyprus.jpg

مفكرة الإسلام : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد...
يحاول دائماً أعداء الإسلام من صليبيين وصهاينة وغيرهم إخفاء الحجم الحقيقي لأعداء المسلمين وأماكن تجمعاتهم في بلاد الكفر ليضيع أثرهم ويخفي أمرهم على إخوانهم فيظلوا طي دائرة النسيان والضياع بين قهر أعدائهم وجهل إخوانهم بحالهم , وتشتد وطأة أعداء الإسلام على المسلمين في البلاد التي كانت يوماً ما تحت حكم المسلمين.
أين تقع قبرص ؟
تعد قبرص أكبر جزر البحر المتوسط الشرقي حيث تبعد عن السواحل التركية الجنوبية مسافة خمسة وستين كيلومتراً وعن الساحل السوري بتسعين كيلو متراً وعن الساحل المصري بأربعمائة كيلو متراً وعن سواحل بلاد اليونان مسافة تسعمائة كيلوا متراً , وتتألف أرض قبرص من سلسلة جبلية توازي الساحل الشمالي ومرتفعات في الوسط الجنوبي الغربي فهي من ناحية الموقع والتضاريس تعتبر جزيرة آسيوية ومع هذا تصر الدول الأوروبية على تصنيفها بين الدول الأوروبية تأكيداً على نصرانيتها وإخفاء لحجم المسلمين بها وللأسف يتابع الجهلة من كتاب المسلمين الأوروبيين في دعواهم ويقولون أيضاً أنها أوروبية.
كيف وصل الإسلام إلى قبرص ؟
وصل الإسلام إلى قبرص مبكراً جداً في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 28 هـ عندما استطاع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فتح الجزيرة بأسطول بحري خرج من الشام ومصر وصالح معاوية أهلها على جزية قدرها 7200دينار ولما حدثت فتنة ابن سبأ اليهودي وانشغل المسلمون بها امتنع أهل قبرص عن دفع الجزية فغزاهم معاوية سنة 34هـ واحتل المجاهدون قسطنطينية عاصمة الجزيرة وسيطروا على الجزيرة كلها وأسكن معاوية اثنا عشر ألفاً من جند المسلمين وانتقل إليها الكثير من أهل بعلبك ونشروا فيها الإسلام وبنوا المساجد وتناسلوا وتكاثروا بالبلاد.
في سنة 75 هـ دخل البيزنطيون الجزيرة واحتلوها مستغلين الخلاف الواقع بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان وهكذا نرى أن أعداء الإسلام دائماً يستغلون الخلاف والشقاق في الصف المسلم للنيل من الأمة وحاول المسلمون بعدها فتح الجزيرة عدة مرات في سنة 109هـ ,126هـ , 174هـ , 190 هـ ولكنهم لم يستطيعوا أن يثبتوا أقدامهم بالبلد.
قبرص بين الصليبيين والمماليك
عندما اندلعت الحروب الصليبية استولى ريتشارد قلب الأسد ملك إنكلترا على قبرص سنة 587 هـ وجعلها قاعدة حربية للإمداد والتموين وعندما اندحر الصليبيون بالشام انحاز الكثير منهم إلى جزيرة قبرص , وفي عام 692 هـ بعد إجلاء الصليبيين من الشام نهائياً تجمعت القوى الباقية منهم بقبرص وأصبحت قبرص ملجأ للقراصنة الذين يغيرون على السفن وسببوا الكثير من المتاعب لدولة المماليك بمصر وزادت جرأتهم حتى قاد ملكهم بطرس الأكبر حملة صليبية سنة 767هـ واحتلوا الإسكندرية لمدة 3 أيام وطردهم المماليك الذين قرروا غزو الجزيرة وذلك أيام السلطان المملوكي الأشرف برسباي حيث استطاع المماليك الاستيلاء على الجزيرة سنة 830هـ وأرغموا أهلها على دفع الجزيرة ولكن سرعان ما جاء البنادقة 'الإيطاليون' واستولوا على الجزيرة سنة 895هـ.
قبرص والعثمانيون:
فتح العثمانيون الجزيرة سنة 979 هـ وعملوا على توطيد دعائم الإسلام بها وأسكنوا فيها الكثير من المسلمين حتى صار عدد المسلمين ثلاثة أضعاف النصارى وهكذا غدت الجزيرة بلد إسلامياً خالصاً وجزءاً من أمة الإسلام.
وعندما ضعفت الدولة العثمانية وقويت أوروبا التي أخذت في التهام جسد الدولة قطعة قطعة وكان الإنجليز أعدى أعداء المسلمين ينظرون لقبرص نظرة خاصة باعتبارها قاعدة هامة في الطريق إلى الهند فأكره رئيس وزراء إنجلترا 'دزرائيلي' اليهودي سلطان العثمانيين على قبول معاهدة دفاع مشترك سنة 1296هـ تكون قبرص بموجبها تحت الحماية الإنجليزية نظير 92800 جنيه إسترليني.
قبرص والحكم الإنجليزي:
عندما احتلت إنجلترا قبرص كان أكثر سكانها مسلمين فعملوا قبل كل شئ على إضعاف المسلمين بتشجيع هجرة النصارى اليونان لقبرص وفي نفس الوقت ضغطت على المسلمين الأتراك للهجرة منها واستمرت إنجلترا على نفس السياسة حتى قيام الحرب العالمية الأولى.
عملت إنجلترا بجانب خلخلة التركيبة السكانية وإضعاف قوة المسلمين إلى نشر الفساد والانحلال داخل الجزيرة وعهدوا إلى اليهود بالكثير من المناصب والذين أنشأوا بدورهم مراكز تجارية كبيرة بالبلد وجعلوها مقراً لعصابات الصهاينة وعندما قامت دولة اليهود الخبيثة كانت قبرص من أوائل من اعترف بها.
قبرص والتدخل اليوناني:
عرفنا أن كثيراً من اليونانيين هاجر إلى قبرص واستوطنوا بها حتى صاروا أغلبية وغلب الجنس اليوناني على الجنس القبرصي لذلك فلقد رأت اليونان أن لها حقاً بقبرص ويجب الاتحاد فيما بينهما وتأسست سنة 1343هـ حركة 'أنيوسيس' وتعنى الاتحاد مع اليونان وانضم لتلك الحركة كل القساوسة بالجزيرة وقامت تلك الحركة الصليبية المنشأ والهدف بارتكاب مجازر بشعة سنة 1349هـ راح ضحيتها المئات من المسلمين.
قامت اليونان بتحريض القبارصة للثورة ضد الإنجليز لطلب الاستقلال وظهر على المسرح السياسي المطران مكاريوس رئيس أساقفة اليونان والجنرال 'جريفاس' وهو جنرال يوناني متقاعد وصل البلد سراً في سنة 1373هـ.
حاولت اليونان عرض قضية قبرص على الأمم المتحدة ففشلت وكذلك المطران 'مكاريوس' بسبب نفوذ إنجلترا التي قامت كحركة دعائية لمكاريوس بنفيه هو وثلاثة من أعوانه إلى جزيرة سيشل سنة 1376 هـ تماماً مثلما فعلت مع سعد زغلول ورفقاؤه للترويج لهم داخل مصر على حساب حركة مصطفى كامل السليمة نوعاً ما.
الاستقلال:
بعد كثير من الأخذ والرد والقبول والرفض اقترحت انجلترا شكلاً مشوهاً للاستقلال يعمل على بقاء الفتنة والصراع داخل البلد بين عنصريها المسلم التركي والقبرصي اليوناني ووافق مكاريوس على خطة الاستقلال على أن يقتسم المسلمون والنصارى السلطات والمشاركات بنسبة 40% للمسلمين و60 % للنصارى مع الإبقاء على النفوذ الإنجليزي داخل الجزيرة متمثلاً في قاعدتين عسكريتين وإدارة مطار العاصمة.
الاضطرابات الداخلية:
نظراً لطبيعة الأساس الذي قام عليه الاستقلال الأعرج كان من الطبيعي أن يستمر الخلاف وتثور الفتنة بين المسلمين والنصارى ذلك لأن الجنرال جريفاس الصليبي أصبح قائداً للأمن العام وتشدد تجاه المسلمين وأظهر حقده المعلن ضد الإسلام فثار المسلمون لذلك فوقعت عدة معارك دموية بين الطرفين سنة 1383هـ وفي سنة 1385هـ هاجمت القوات الحكومية أحياء المسلمين وضربتها بالطائرات وفتكت بالمسلمين بأبشع الوسائل وفي سنة 1387هـ هاجمت مجموعة من الحرس الوطني الذي يرأسه جريفاس القرى المسلمة وقتلوا أربعين مسلماً.
وقع الخلاف الشديد بين مكاريوس وجريفاس فقام الأخير بمساندة 'إسرائيل' والإدعاء بأن مكاريوس يساند العرب الذين يجعلون سفاراتهم تحت تصرف الفدائيين الفلسطينيين على الرغم بأن العرب كانوا بعيدين تماماً عن الساحة ولا يوجد لهم بقبرص سوى ثلاث سفارات فقط.
وضع المسلمين بقبرص:
يبلغ تعداد المسلمين داخل الجزيرة قرابة 25% من إجمالي السكان معظمهم من أصول تركية مع بعض العرب والقبارصة الأصليين ويتبعون في الولاء والثقافة تركيا ويوجد تجمع المسلمين القبارصة 'الأتراك' بشمال الجزيرة ويسيطرون على نصف الجزيرة تقريباً ويرأس المسلمون هناك رؤوف دنكتاش وهو تركي متعصب لتركيته , ويوجد للمسلمين عدة مؤسسات إسلامية مثل الجمعية الإسلامية في قبرص والاتحاد القبرصي التركي الإسلامي.
ويعيش المسلمون هناك في دائرة النسيان والإهمال من جانب إخوانهم المسلمين الذين لا يشعرون بوجودهم أصلاً ويرون أن مسلمي البلد ما هم إلا شأناًَ تركياً خالصاً لا يعني سائر المسلمين في شئ ومن هنا تمكن محنة المسلمين الحقيقة بتلك البلد الإسلامي السابق ذلك لأن الطرف الآخر في الصراع وهم النصارى القبارصة واليونانيين يديرون دفة الصراع من وجهة النظر الدينية المحضة , ويرون حربهم مع المسلمين الأتراك حرباً صليبية مقدسة في حين أن مسلمي قبرص وجلهم من الأتراك يديرون دفة الصراع من وجهة نظر عنصرية وقومية بين العنصر التركي والعنصر القبرصي ويسقط جانب الدين من حساباتهم أثناء الصراع مما أدى لخسارتهم الكثير في قضيتهم ضد الصليبيين بالجزيرة